بعد اربعة عقود من الخمول نرى الشرق الأوسط في حالة من ألصخب. من ألصعب التركيز على مكان واحد، ولا بأس من مراجعة التطورات في أربعة دول رئيسية.
ليبيا: دون ان يدرك الأمريكيون فان بلدهم ألان في حالة حرب منذ التاسع عشر من أذار ضد ليبيا معمر القذافي. تم تغطية الاشتباكات ألعسكرية بنوع من ألتحفظ و التلطيف حول ما يجري في الخطوط الأمامية و التي بدون هدف واضح. كان عنصران من القيادة خارج البلاد يومها، ألرئيس في شيلي، و وزيرة ألخارجية في فرنسا. أما أعضاء الكونغرس فكان تفاعلهم مشحون بغضب لعدم استشارتهم، و بعض المحللون فتبين الامر لهم بأنه سابقة لمهاجمة إسرائيل عسكرياً.
ربما يحالف ألحظ اوباما و يتم تصفية القذافي سريعاً. لكن الثوار يجهل الجميع هويتهم و تلك الجهود ألمفتوحة نهايتها قد تتعرقل في عدة مراحل، تكاليفها باهضه، إرهابية طبعها، و غير شعبية سياسياً. بعبارة أخرى قد تصبح ليبيا عراق أوباما و الأسوأ من ذلك كله قد يتسلم إسلاميون ألسلطة.
يريد أوباما ان تكون أمريكا واحد من عدة شركاء في ليبا، وربما تكون امنيته ان يكون ألان رئيس الصين متظاهرا ان الفرصة لأمريكا ان تكون هي بلجيكا. لا انكر ان لدي بعض ألتعاطف مع هذا الأسلوب بعد ما اشتكيت مراراً ان واشنطن تهورت بتحملها المسؤولية لوحدها عام 1997 وأخذت على عاتقها حفظ النظام مصورةً " ألبالغ الأمريكي مقابل الأخرين الأطفال". أني أحفز واشنطن ان تتحفظ و تدع الأخرين يأتون طلباً للعون.
أن ما فعله أوباما كان عشوائياً لم يتم التحضير له و قد ينعكس سلبياً على سياسة أمريكا مستقبلاً.
مصر: أشرف المجلس الأعلى للقوات ألمسلحة على استفتاء تعديل الدستور في التاسع عشر من آذار و الذي نجح بنسبة 77 مقابل 23. أن الاستفتاء شكل دفعاً للإخوان ألمسلمين و شراذم حزب حسني مبارك ألوطني ألديمقراطي، و حول في عين ألوقت مسار ساحة التحرير ألعلماني. أثبتت القيادة ألعسكرية عزمها المضي قدماً التحالف ألخفي ألطويل الأمد مع الإسلاميين.
هنالك حقيقتان تؤكد هذا ألتحالف: منذ انقلاب عام 1952 و مصر تحت حكم العسكر، و ما سمى الضباط الأحرار ألذين نفذوا الانقلاب كان لهم أتصالا بالجناح ألعسكري للإخوان.
أن روح ساحة التحرير لا تزال على قيد الحياة و ربما ستعوم يوماً ما، ولكن حال الامور هي ذاتها في مصر و الحكومة ماضية قدماً بسياسة مبارك الشبه اسلامية.
سوريا: حكم حافظ الأسد ثلاثون عاماً من 1970 الى 2000 بقسوة و وحشية من الصعب وصفها. كانت تطلعاته ملكية وراثية، وال الامر الى أبنه بشار و كان عمره 34 عاماً. تدرب بشار ليكون طبيب عيون، ولكنه دخل في عمل العائلة تحت ضغوط نتجت عن وفاة شقيقه الأكثر كفاءة باسل عام 1994. أستمر بشار يسير صوب تطلعات جنونية عظمى أطالت الشعب تخلفاً وقمعاً و بؤساً.
وصلت رياح التغيير سوريا و هتف الشعب سوريا حرية، و اذا بالدكتاتور ألطفل يفقد توازنه صوب القمع حيناً و إرضاء الناس حيناً أخر. أن انتهت خلافة أل الاسد فأن عواقب ذلك سيكون شديداً على الأقلية ألعلوية. أما الإسلاميون ألسنة المتطلعون لتسلم زمام ألأمور، فيسحبوا سوريا من كتلة ألمقاومة ذات القيادة الإيرانية، و بالتالي يتغير النظام و عواقب ذلك ذات اختلاط للغرب و خاصة إسرائيل.
أليمن: أما أليمن فهو أكثر البلدان تهيؤاً لسقوط نظامه وتسلم الإسلاميون للسلطة رغم ان علي عبد ألله صالح مهرجاً مستبدا و لديه من النواقص عدة و لكنه منذ وصوله السلطة عام 1978 كان حليفاً جيداً للغرب رغم ارتباطه حيناً بصدام حسين و جمهورية أيران الإسلامية، تمكن من المسك بزمام الأمور داخلياً، حد من التحريض، وحارب القاعدة.
لكنه أثبت قلة كفاءته بمعالجة ألتظاهر و ادى ذلك الى تخلي القيادة ألعسكرية(من حيث يأتي) وقبيلته ألهاشد.، مما يؤدي ذلك الى الاستنتاج بانه سيغادر السلطة دون تأثير على من سيخلفه. أذا ما أخذنا بنظر الاعتبار البنية ألقبلية، تفشي السلاح، الانقسام ألسني ألشيعي، و الطبيعة ألجبلية ألوعرة مع جفاف الطقس، فان ما يلوح في الافق فوضى ذات رداء إسلامي كما هو الحال في أفغانستان.
أن ليبيا و سوريا و اليمن( ومصر أقل من ذلك) متهيئة للإسلاميين لتوسيع دائرة نفوذهم. أن ألمسلم سابقاً ألجالس في البيت الأبيض يصر على الاحترام ألمتبادل في أطار علاقة أمريكا بالمسلمين، و لكن يا ترى هل ضمن الحماية لبلده ضد هذا ألخطر ؟.