لا شكك ان معضلة مركز قرطبة أو جامع ألأرض رقم صفر و ما الى غير ذلك من ألمسميات، لها عواقبها على محيط أمريكا و خارجها. فالنقاش ألدائر حول تلك الإشكالية لا هو بالطبيعي و ليس في الحسبان عين ألوقت. أن أي حدث له صلة بالإسلام من قريب أو بعيد يثير العصب ألأمريكي و يربطه بالإرهاب ، و هذا ليس بالغريب لو كان الامر اختراق اسلامي لأجهزة ألأمن، نتائج ليست بالحسبان في استفتاء عام او خطاب رئاسي مليء بالاعتذارات و غير ذلك.
أما على العكس من ذلك ترى ما هو رمزي بحت تمثل باحتمال قيام جامع قرب مركز التجارة ألعالمي أثار نقاش دام أمده لشهور و تحول الى ما هو متصل بالسياسة الأمريكية ألخارجية. رغم ذلك فان ما اثاره هذا ألحدث لا يختلف ألبته عن احداث رمزية مشابهة كما هو الحال في أرجاء ألعالم ألغربي مثل النقاش حول ألزي الإسلامي في فرنسا منذ عام 1989، ألمنارات السويسرية، اغتيال ثيو فان كوخ في هولندا، و الكاريكاتير الدنماركي.
ألغريب في أمر هذا ألحدث ألرمزي عدم تطرق المناقشين له لما هو اجدر بذلك و هي مصدر تمويله. شخصياً لا أعارض بناء هذا المركز و لكن اعارض أي بناء له علاقة من قريب او بعيد بالإسلاميين ألمتطرفين. رغم ذلك فان قيام هذا المبنى مستقبلاً قد تكون نتائجه سلباً لا ايجاباً على ألمجتمع الاسلامي الأمريكي.
أن ألعاطفة المثارة حالياً في الشارع الأمريكي قد تكون بداية لصعاب عدة للإسلاميين، و التي يمكن تقصي جذور حركتهم الي تأسيس أتحاد الطلبة الإسلامي في امريكا سنة 1963. الحركة ولدت سياسيا في التسعينيات، و اصبحت قوة لا يستهان بها في الحياة ألعامة الامريكية. كنت يومها في صراع ضد الإسلاميين و لم يساندني سوى ستيفن أميرسون و فشلت في جهدي مع غياب اسناد فكري، و مادي و أعلامي. و صلت تلك الجهود الى قاع ألفشل يوم تحدث ريتشارد كرتس ألمتضلع في الشؤون ألخارجية في كابيتول هل عن النجاح الإسلامي الأمريكي و تشبيهه له بالانتصارات الاسلامية في صدر الدعوة المحمدية رغم أن الحديث الأخير كان يخص السياسة الامريكية تجاه اسرائيل، ولكنه مس قوة الشارع الاسلامي الامريكي و لم يتجرا أحد يومها على مخالفته الراي.
تغير الحال يوم صحت امريكا يوم ألتلسع من أيلول. لم يكن الغضب الأمريكي مصوبا تجاه الهجمات فحسب و انما تجاه تعجرف الإسلاميين الذين لم يتوقفوا عن القاء اللوم على سياسة أمريكا الخارجية، و انتخاب ألرئيس أوباما و غير ذلك، بل و حتى انكارهم بان الجريمة ارتكبها مسلمون. أدى كل ذلك الى جهود فكرية و إعلامية كان نتاجها حركة سياسية و اجتماعية ذات زخم هائل موجه ضد الاسلاميين. ألحق اني شعرت بالبهجة لوجودي ضمن الفريق ألمنتصر لأول مرة منذ اكثر من خمسة عشر عاماً.
أما قلقي اليوم كون الفريق ألمنتصر اختلط تقييمه و اصبح يروج لمقالة الإسلاميين انفسهم الذين يشيعون أن الاسلام المعتدل لا وجود له. و اصبح ألكثير لا يفرق بين الإسلام كعقيدة و دين و الاسلاميين كحركة يوطبية تسعى ألي فرض قوانين اسلامية قهرا. أن هذا الخطأ ليس فكريا و حسب و انما قد يكون نهاية سياسية في حد ذاته. أن استهداف المسلمين قاطبة لا يتلاءم مع مبادئ الغرب التحررية و يتناسى ما هو بديهي و هو أن المسلمون انفسهم يملكون الدواء لعلاج الإسلاميين و تطرفهم. أن الأشكال اليوم هو ألتطرف الإسلامي الجذري و ألحل هو الإسلام المعتدل عينه. أذا ما استوعبنا هذا الدرس تعجلت هزيمة الإسلاميين.