هل ينبغي أن يحاول من هم خارج الجامعة التأثير على سياستها في توظيف وإبرام عقود عمل هيئات التدريس؟
السبب وراء طرح هذا السؤال أن الأصوات المعتدلة، تحت تأثير ما يمكن وصفه بعملية جر الجامعة إلى حالة من الراديكالية والتطرف، انتقلت باهتمامهم إلى قضايا التوظيف الأكاديمي. على سبيل المثل نذكر بعض القضايا الخلافية في مجال دراسات الشرق الأوسط فقط.
. جوزيف مَساد بجامعة كولومبيا: واجهت ترقيته إلى أستاذ مشارك معارضة علنية، والقرار الخاص بجعل عقد عمله بالجامعة دائماص يمنع فصله التعسفي، وهو الذى قرب وقت اتخاذه، سوف يثير على الأرجح المزيد من الخلاف والنزاع.
. جوان كول في يايل: كان أستاذ التاريخ بجامعة مشيجان في طريقة للانتقال إلى جامعة نيو هافين حتى قام جون فَند وجويل موبراي وغيرهم من أصحاب مقالات الرأي العمودية بلفت الانتباه إلى كتابات كول مما حث أساتذة يايل الكبار على رفض تعيينه.
. كيفن باريت بجامعة وسيكنسون- ماديسون: عندما أصبح معروفاً أنه يؤمن أن إدارة بوش هي التي دبرت وقامت بهجمات الحادي عشر من سبتمبر، أثار تدريسه "الإسلام: الدين والحضارة" نقاشاً وجدلاً واسعاً شمل عموم الولاية.
. نادية أبو الحاج في بارنارد: بينما أستاذة علم الإنسان (الأنثروبولجي) تنتظر قراراً بمنحها منصبا دائما ووظيفة تحميها من الفصل التعسفي، انتقد خريجي الجامعة والمتخصصون في علم الحفريات كتابها المنشور عام 2001 "حقائق على الأرضِ" (يَصف وليام ديفر بجامعةِ أريزونا أعمالها وكتاباتها العلمية بأنها "معيبة ومضللة وخطيرة"؛ ويراها جيمس دافيلا من جامعة أندرو "سخيفة وغبية").
StandWithUs.com . وادي سعيد بجامعة واين ستات: يجادل الناقدون، تحت قيادة ويذهبون إلى أنّ تعيينَه بكليةِ الحقوق "سوف يؤدي إلى الإخلال بالمعايير الأكاديميةَ، وسوف يضر بالعملية التعليمية داخل قاعات الدرس، وسوف يُثيرَ المشاكلَ داخل الحرم الجامعي ويؤدي إلى تفاقمها." من ناحية أخرى يؤيد أشخاص غير أكاديميين آخرون، مثل رابطة الشرق الأوسط لطلابِ القانونِ بجامعة واين ستات، تعيين السيد سعيد.
بالإضافة إلى ذلك، قد يكون انتقال جويل بينين إلى الجامعةِ الأمريكيةِ بالقاهرة مِنْ وظيفته التي يتمتع فيها بالحماية من الفصل التعسفي (وظيفة دائمة) بقسم التاريخِ بجامعة ستانفورد (نقلة غريبة في الحياة الوظيفية) مرتبطاً بالانتقاد الواسع الذي تعرضت له أعماله.
تثير هذه التَطَوّراتِ سؤالين. أولاً، هَلْ لمن يعملون خارج الجامعة الحق في التأثير على قراراتِ تتعلق بهيئات التدريس ؟ يجيب السكرتير العام للجمعية الأمريكية لأساتذةِ الجامعات، روجر بوين، بالتأكيد لا: "لا ينبغي السماح لغير الأكاديميين ولا لمجموعات الدفاع الخارجية بالتَطَفُّل والتدخل في شؤون التعيين وحالاتِ التعاقد على الوظائف الدائمة التي تتمتع بالحماية من الفصل التعسفي داخل الجامعات."
أختلفُ وبإصرار. المؤسسات التعليمية والتربوية قَدْ تُعيّنُ مَنْ تود، لَكنَّ لا يحق لها أن تتوقع الحصانة مِنْ النقدِ العامِّ (الآتي من خارج الجامعة). وبالتحديد: لأن المؤسسات الأكاديميةَ تمنح أمان وظيفي فريدِ، يكون للتقييم العامّ للأكاديميين الغير دائمِين، بمعنى أولئك الذين لا يتمتعون بالحماية من الفصل التعسفي، دور حيوي فعلاً. وكلما زاد الفحص السابق على تمتع الأكاديمي بهذه الحماية كلما زادت الفائدة وكان الأمر أفضل. والمنظماتُ مثل كامبس واتش (عين على الجامعة) تركز بالتحديد على تلك الأمور التي في العادة تغيب عن لجانِ منح التعاقدات التي تحمي الأكاديمي من الفصل التعسفي.
بالنسبة إلى أساتذة الجامعات الدائمين (الذين يتمتعون بالحماية من الفصل) فإن النقد العامّ القوي يُمْكِنُ أَنْ يبقيهم تحت الأنظار يخشون فقدان وظائفهم، وذلك بإحْراجهم والتشويش على مصداقيتهم. يرى جوان كول أن الأساتذة الكبار قد أصبحوا "مثل لاعبي البيسبولِ" الذين تقوم الفرق الأخرى بمتابعتهم " من وَقتٍ لآخَر، باعتبارهم أعضاء محتملين لهذه الفرق." في رَدِّ فعل، يذكر مارتن كرامر بشالم سنتر "نحن لا نَضِعُ لاعبي البيسبولِ فوق النقد، وهناك قسم كامل مِنْ الصحيفةِ يَنتقدُ أدائَهم باستمرار. يُريدُ الأكاديميون أَنْ يَتمتعوا بالأمرين: أمان الوظيفة الدائمة، وشهرة مثل شهرة الرياضيين، والكثير من االعطلات، والإعفاء من المحاسبة والمسؤولية."
في إصرارِهم على إسكات المعارضةِ، يُحاكي أكاديميي الدراسات الشرق أوسطيةِ، من سخرية القدر، دكتاتوريي الشرق الأوسطِ، الذين يَطْالبونَ بأنّ تكون أنظمتهم معفاةً مِنْ المسائلة. لكن بينما الدكتاتوريين يُمْكِنُ أَنْ يَفْقدوا وظائفَهم، نجد أن الأكاديميين الدائمين هم في منأي عن ذلك من الناحية العملية، مما يعفيهم وبصورة استثنائية من تحمل نتائج أخطائهم.
السؤال الثاني هو: ما هو مقدار فعالية الجهود والمحاولات الخارجية في التأثير على العمليةَ؟ يتوقع فرانك إتش. وو، عميد كليةِ الحقوق بجامعة واين ستات، أن ضغط الأساتذةِ ضدّ تعيينِ وادي سعيد يُمْكِنُ أَنْ يكون له تأثير عكسي. بَعْض أعضاء هيئات التدريس، يَقُولُ، "قَدْ يصرفهم البريد الإلكتروني المرسل إليهم عن موقفهم وقد يُقنَعهم بأخذ مواقف ما كان لهم أن يتخذوها لولا ذلك."
فيما عدا أن هذا التصريح يقوم بكشف عدمِ نضج الأساتذةِ الذين قد يَتّخذُون مثل هذا الخطوةِ ويتصرفون بهذه الطريقة، فإنه تغيّبُ عنه النقطةِ أو المسألة الأساسية بالكامل. يقوم البرج العاجي على أساس من تحمل أولئك الذين يَدْعمونَه وينفقون عليه. تماما مثلما يقرأ قضاة المحكمة العليا تقارير نتائج الانتخابات، لا يستطيع الأساتذة في النهاية تجاهل الآباء والخريجين والمشرّعين والبيروقراطيين الحكوميين الذين يَدْفعونَ رواتبَهم. وعندما يدرك أولئك عيوبَ وزلات الأساتذة على نحو متزايد، يُمْكِنُهم حينئذ أَنْ يَبْدأوا المطالبة بالإصلاحات والتحسيناتِ..
(التمييز بين الجامعاتِ الخاصّةِ والعامّةِ لا أهمية له هنا تقريباً، لأنها تتداخل إلى حدٍّ كبير. إذا كانت جامعة مشيجان تحصل على 8 % فقط من ميزانيتها السنويةِ مِنْ حكومة الولاية، تَعتمدُ الجامعاتَ الخاصّةَ وبصورة ضخمة على التمويل الحكوميِ للطلابِ، وللمشاريع، وللأبحاث، وللإيجارات والتأمين، وحتى للأسر الجامعية.)
إنّ الطريقَ للأمام واضحُ: يجب على غير الأكاديميين وعلى من هم خارج الجامعة من الذين يهتمون ويشعرون بالقلق أَنْ يَتعقّبوا تَطَوّراتَ ما يحدث داخل الجامعات، بما في ذلك قرارات التوظيف، كي نبْدأَ عمليةَ إصلاح الجامعةِ، تلك المؤسسةِ الكبيرةِ والنبيلةِ التي تاهتْ وضلت طريقها لبعض الوقت وبشكل مؤقت.