إذا خالفت طلابك رأيا سياسيا في الجامعات الأميركية فقد تقع في ورطة، يشكو أكاديميون عاملون في أقسام السياسة ودراسات الشرق الأوسط والإسلام من تعرضهم لمضايقات وتهديد بلقمة العيش في الدولة العظمى التي تطوف أرجاء الأرض رافعة لواء الديمقراطية التي باتت تفرضها بالقوة حتى لو اقتضى الأمر غزوا عسكريا شاملا، يرى هؤلاء أن ما يجري يشكل هجوما على الحريات الأكاديمية خاصة إذا تعلق الأمر بمعارضة سياسات واشنطن الخارجية أو إسرائيل أو اليمن وفي قضايا كالعراق أو ما يسمى الإرهاب إضافة إلى القضايا المحلية، كيف يرد الأكاديميون المعنيون على منتقديهم تقرير ناصر الحسيني الذي قام بجولة في الجامعات الأميركية.
[تقرير مسجل]
ناصر الحسيني: لا يكسر هدوء ورتابة جامعة كولومبيا في نيويورك إلا ضجيج تلك الحرب الخفية بين أقسام الشرق الأوسط ودراسة الإسلام ومنتقديهم من خارج الحرم الجامعي، في اليسار جامعات تقول إنها تسعى للحفاظ على استقلاليتها وفي اليمين منتقدون يريدون رؤية مواقفهم ممثلة داخل الحرم الجامعي، هل هو صراع اليمين واليسار التقليدي؟ الأكيد أن صفحات الصحف المحلية والإنترنت أصبح أفضل وسيلة للهجمات والهجمات المضادة بين الطرفين وهناك ضحايا.
جوزيف مسعد – جامعة كولومبيا بنيويورك: فبالتالي الهجوم علينا هو هجوم الحرية الأكاديمية هو هجوم على استقلالية الجامعة والحرم الجامعي والمؤسسة الجامعية.
ناصر الحسيني: بسبب مواقفه من إسرائيل البروفيسور جوزيف مسعد قرر عدم تدريس مادة الصراع الفلسطيني الإسرائيلي هذا العام وذلك تحت ضغط من يصفهم باليمنيين المناصرين لإسرائيل.
جوزيف مسعد: أي رأي معارض لإسرائيل يجب أن يُقمَع تماما أي أستاذ يتكلم بآراء معارضة لإسرائيل أو حتى معارضة لسياسات الولايات المتحدة يجب أن يوقف عن عمله يجب أن يُغيَر ويُطرَد من الجامعة.
ناصر الحسيني: في هذه الملحقة التابعة لجامعة كولومبيا بمانهاتن هذه المرة شاهد آخر على تلك الحرب الخفية المعلنة، البروفيسور زاكاري لاكمن الذي يقر بأن الانتقادات بلغت بعد أحداث الحادي عشر سبتمبر حدا شرسا.
زاكاري لاكمن – جامعة كولومبيا بنيويورك: لا يتعلق الأمر بمؤامرة ولكنها حملة منسقة من عدة أطراف مثل دانيال بايبس وموقعه (Campus Watch) الذي يحاول مراقبة ما يقوله الأساتذة ويشجع الطلبة على كتابة تقارير عن الأساتذة هذا أمر لا يمكن قبوله ويشكل محاولة لتطبيق تكتيكات ماركسية شاهدناها في الأربعينات والخمسينات ضد الشيوعيين.
ناصر الحسيني: البروفيسور زاكاري لاكمن يعتقد أنها بالفعل حملة لتكميم الأفواه المعارضة لسياسات الإدارة الأميركية واليمين داخل أميركا وما إسرائيل إلا جزء من الصورة العامة التي يسعى اليمين الأميركي لفرضها.
رشيد الخالدي – جامعة كولومبيا بنيويورك: أصبحت الآن حرية التعبير والحرية الأكاديمية أي حرية التعبير في داخل الحرم الجامعي بخطأ شديد.
ناصر الحسيني: البروفيسور رشيد الخالدي الفلسطيني الأصل تعرض أيضا للنقد ولكنه يؤمن بأن النصر سيكون حليف الأكاديميين في المواجهة مع اليمين، في الطرف الآخر للصراع بعيدا عن جامعة كولومبيا شخصيتان مثيرتان للجدل في العاصمة الأميركية الباحث مارتن كريمر الباحث الزائر في معهد واشنطن الذي يطالب بقوانين جديدة تضمن للحكومة الفدرالية عائدات ما تستثمره من أموال لضمان ولاء الجامعات السياسي يدعمهم من ولاية بنسلفانيا دانيال بايبس الذي تحول إلى عدو الأكاديميين اللدود من قلب فيلادلفيا، أنشأ دانيال بايبس موقع www.campuswatch.org على الإنترنت بعد هجمات سبتمبر 2001، سرعان ما تحول هذا الموقع إلى نظام مراقبة قائم بذاته يسجل ويدون فيه الطلبة كل كلمة تفوه بها أستاذ ما في جامعة ما بخصوص القضايا المثيرة للجدل سواء تعلق الأمر بزواج المثليين والإجهاض أو بقضايا تستأثر اهتمام الرأي العام مثل الإسلام والإرهاب.
دانيال بايبس – أكاديمي أميركي وصاحب موقع (Campus Watch) على الإنترنت: أنا مع العرب ومع المسلمين ومع إسرائيل كمان.
ناصر الحسيني: بهذه العبارة يستقبل دانيال بايبس منتقديه الكثيرين في أرجاء الجامعات الأميركية، يشهد مكتب دانيال بايبس على شغفه العميق بثقافة الشرق الأوسط شهادات جامعية إسرائيلية على الحائط وذكريات من المنطقة تشهد بدورها على الصراع المستمر هناك في الشرق الأوسط وهنا أيضا في أميركا، في حديثه للجزيرة نفى الصفة التي يرددها منتقدوه بأنه يعادي العرب وقال إن ما يرفضه في الجامعات حاليا هو غياب مواقف اليمين الأميركي الذي ينتمي إليه ويمثل شريحة كبيرة في المجتمع.
دانيال بايبس: أود رؤية أكاديميين يحملون آرائي يلتحقون بتلك الجامعات هذا لم يحدث إلا نادرا خلال السنوات العشرين الماضية، يجب أن تكون لك آراء يسارية معادية لأميركا كي يتم تعيينك في أقسام الشرق الأوسط، أعتقد أن هذا الأمر خطير ويشكل غيابا للحرية الأكاديمية وأنا لا أطالب الجميع بأن يوافقونني الرأي ولكنني أطالب بأن يكون رأيي ممثلا على مستوى الجامعات.
رشيد الخالدي: ولكن المستهدفين في الأساس هم أنصار القضية الفلسطينية أو منتقدي سياسات إسرائيل لماذا؟ لأنه يريدون تسكير باب الجدل في الولايات المتحدة
ناصر الحسيني: بايبس وكريمر ينفيان هذا لكنهما يعلنان أن ما تنتجه الجامعات في مجال دراسات الشرق الأوسط لا يخدم الأهداف التي ترسمها واشنطن ويجب إعادة النظر في التمويل الفدرالي الذي تحصل عليه الجامعات الأميركية وقبل عامين تمكن داعمو بايبس من اقتحام مجلس النواب وإقناعه بفوائد التصويت لصالح مشروع قانون ينص على إنشاء لجان لمراقبات الجامعات التي تستفيد من التمويل الحكومي الفدرالي، أميركا تنفق حوالي مائة مليون دولار سنويا على تلك الدراسات.
دانيال بايبس: إنه مال ينفق من جيب دافع كي تساعد الجامعات الحكومة على القيام بدورها من خلال تدريس اللغات الأجنبية والتاريخ إلى أخر ذلك.
سينك مارتن كريمر – معهد واشنطن لدراسات الشرق الأدنى: إذا قررت الاستفادة من التمويل الحكومي فعليها أن تدرك أن هناك عقدا اجتماعيا.
زاكاري لاكمن: إننا نعتبر ذلك كلمة السر التي تعني إقحام مواقف اليمين في التعليم العالي، إنهم يريدون وقف التمويل الفدرالي إذا لم تستجب الجامعات وتستخدم مواقف وكتب اليمين.
ناصر الحسيني: الجامعات الأميركية وباسم حرية تعبير والحرية الأكاديمية نددت بحرب فيتنام في السبعينات لكنها بدأت الآن النقاش حول المثليين والإجهاض وعمقت الجدل أيضا بشأن الأمن والإرهاب، إنها في الواجهة.
جوزيف مسعد: إن نجحوا في ترويع الجامعة وأصبحت الجامعة كمؤسسة بالحرم الجامعي كمكان يخضع للسلطة السياسية الحكومية ولسلطة الأيديولوجيات اليمينية المتطرفة خارج الجامعة إذاً في اعتقادي نحن كأساتذة بغض النظر إن كنا عرب أم أميركان أم يهود يجب أن نرتب حقائبنا ونترك الولايات المتحدة لأنها لن تستمر كبلد ديمقراطي يسمح بحرية الفكر وبالحرية الديمقراطية.
ناصر الحسيني: وفي النهاية يبدو واضحا للجميع هنا أن الطلبة هم سلاح ووقود هذه المعركة الخفية بين اليمين واليسار داخل الجامعات الأميركية، الصراع الخفي لم يُحسَم بعد الجامعات مازالت تأخذ موقف المتفرج وستستمر بطبيعة الحال هذه الاتهامات والاتهامات المضادة إلى أن يتمكن دانيال بايبس من تحقيق حلمه بتمثيل اليمين داخل الجامعات أو يقرر الطرف الآخر الرحيل خارج الجامعة، ناصر الحسيني لبرنامج مراسلو الجزيرة واشنطن.