إن تحريم البرقع والنقاب خطأ من حيث المبدأ وغير ليبرالي، ويأتي بنتائج عكسية. فهو أمر لا يحترم حرية الدين التي هي حق أساسي من حقوق الإنسان. إنه يقوض قوة المرأة التي يدعي تحريرها. .. وهو يسيء إلى كرامة النساء اللائي يخترن ارتداء هذا الثوب لأسباب دينية. ... إنه يقوض قوة المرأة التي يدّعي تحريرها. ... هذا الحظر الذي صُمم لتحرير المرأة يزيد من عزلتها بالفعل.
كوهين الماجور يخصص جُل كتاب بعنوان الجمهورية والعلمانية والأمن: فرنسا ضد البرقع والنقاب (شام، سويسرا: سبرينغر، 2022) لدحض الحجج التي سمعناها في فرنسا لحظر البرقع والنقاب في الأماكن العامة: هذه الملابس تضطهد المرأة وتقلل من كرامتها، وتتحدى الهوية الفرنسية والوحدة، فهي مسيئة، وتسبب الحرمان الحسي ونقص فيتامين د، وتقوض الأمن والنظام العام.
أمثلة على البرقع (يسارا) والنقاب |
في هذا الموضوع الأخير، يستخدمني كوهين الماجور كقصة له:
جمع دانيال بايبس (2018 ) مجموعة وقائع تم فيها استخدام النقاب والبرقع في حوادث إرهابية. ويجادل بأن كلا الملبسين يجب حظرهما لأسباب أمنية. ومع ذلك، هناك العديد من الأشياء التي يتم استخدامها وإساءة استخدامها ولكنها لا تزال غير محظورة في الدول الديمقراطية. مثلا غالبًا ما تُستخدم كتب الكيمياء لأغراض إنتاجية جيدة جدًا، ولكن في بعض الأحيان يتم إساءة استخدامها في صنع القنابل الإرهابية. وتُستخدم خوذ الدراجات النارية لحماية الأرواح البشرية، ولكن في بعض الأحيان يتم إساءة استخدامها بغرض سرقة البنوك ولخدمة أغراض معادية للمجتمع. وتلعب السكاكين دورًا أساسيًا في المطبخ وعلى مائدة العشاء، لكنها تُستخدم أيضًا في القتل. ويحتوي الإنترنت على أفضل المنتجات البشرية، لكنه أيضًا يساء استخدامه من قبل الإرهابيين والمجرمين ومروجي الكراهية. والهاتف يربط بين العائلات والأصدقاء، ولكن يساء استخدامه أيضًا لتلفيق الجرائم. فحقيقة أن لباساً يتم استخدامه وإساءة استخدامه بطرق مختلفة لا يبرر حظره.
جوابي: بالطبع يمكن إساءة استخدام كتب الكيمياء وخوذ الدراجات النارية والسكاكين والإنترنت والهاتف. وفي الواقع، يمكن إساءة استخدام جميع الأطعمة والمشروبات، وجميع أنواع الملابس، وكل وسائل الاتصال والمواصلات، وجميع الهياكل، وكل إنجاز تكنولوجي، وما إلى ذلك، حتى الغثيان. علاوة على ذلك، يمكن للمرء أن يمشي أو ينام قبل الانخراط في الأعمال الصالحة أو السيئة. في النهاية، كل الأشياء والأفعال ذات استخدام مزدوج، ما يعني أن لها أغراضًا حميدة أو خبيثة. ولذلك فإن منطق كوهين-الماجور الذي يبدو ذكيًا لا يؤدي إلا إلى التفاهة.
في هذا الصدد، يمكن استخدام البرقع والنقاب لأغراض حميدة: لمساعدة عارضة الأزياء على التسلل حول المصورين، ومقابلة حبيب، واستعادة طفل مختطف، وتجنب الاضطهاد، وعدم التقاط فيروس، والقبض على المشتبه به المطلوب، والفرار من بلد قمعي، أو الهروب من القتلة.
لكن هذه الاستخدامات الإيجابية النادرة تتضاءل بجانب العدد الهائل من الاستخدامات السلبية. لنأخذ مثالا من المدينة التي أعيش فيها، فيلادلفيا، حيث استخدم المجرمون البرقع والنقاب كأكسسوارات في 34 حادثة على الأقل على مدار 9 سنوات، أو بمعدل مرة كل ثلاثة أشهر تقريبًا. وشمل ذلك عمليات سطو عنيفة على العديد من البنوك، ومتجر مجوهرات، ومكتب عقارات، ومنتجع صحي، وصيدلية، ومحل بقالة، ومتجر الدولار الواحد، وحتى متجر أسلحة. كما شمل عملية اختطاف واغتصاب فتاة تبلغ من العمر 5 سنوات وقتل شرطي.
الزي الذي يشبه النقاب يرتديه سارق في بنك أودوبون للادخار في نيوجيرسي في 23 سبتمبر 2014. |
بالإضافة إلى ذلك، تستخدم العائلات هذه الملابس السابغة لقمع النساء، ويستخدمها الجهاديون للانخراط في عمليات عنيفة. كما أنها تضر بالصحة، حيث تؤدي عدم كفاية ضوء الشمس الواصل للنساء إلى نقص فيتامين (د)، ما يمكن أن يؤدي إلى تقوس الساقين وتضخم الرسغين والكاحلين، وآلام العضلات والعظام، وكسور الحوض أثناء الولادة، والخرف، والكساح، ولين العظام، وربما التصلب المتعدد. وأيضا، الطفح الجلدي، والصداع، وأمراض الجهاز التنفسي في بعض الأحيان نتيجة ذلك أو حتى الاختناق. كما يعاني الأطفال من التشنجات وتأخر النمو وضعف العضلات والكسور.
وتجدر الإشارة إلى أن البرقع والنقاب خياران، وليس شيئًا تتطلبه شرائع الإسلام، كما يتضح من قلة النساء المسلمات اللائي يرتدينهما طواعية.
قد لا يبدو البرقع ولا النقاب سيئاً كمخدرات قوية أو رشاشات أو متفجرات، لكنهما مثلهم يعرّضان الصالح العام للخطر بإخفاء هوية مُرتديهما. وتتطلب الفطرة السليمة منع هذه الملابس في الأماكن العامة.
السيد بايبس (DanielPipes.org،DanielPipes) هو رئيس منتدى الشرق الأوسط. © 2022 دانيال بايبس. جميع الحقوق محفوظة.