وللذين هم على شاكلتي، أي من ليس لهم دراية بالجمعية البرلمانية للناتو، هي "منتدى متخصص فريد من نوعه لأعضاء البرلمان من دول حلف شمال الأطلسي لمناقشة القرارات المتعلقة بأمن التحالف والتأثير عليها". لجنتها السياسية "تركز على جميع المسائل السياسية المتعلقة بأمن منظمة حلف شمال الأطلسي والدول الأعضاء والشركاء."
وافق المنتدى بسرعة على استضافة الاجتماع في التاسع عشر من سبتمبر. في مول الاستقلال (Independence Mall) في فيلادلفيا وبدأ في دعوة الخبراء لإطلاع 26 عضواً برلمانياً من 12 بلداً، بدءاً من النرويج إلى تركيا وبولندا إلى البرتغال. ونظراً للدور المركزي لتركيا في كل من الصراع السوري والقضية الأعمق لمهمة حلف الناتو (هل تحارب الإسلاموية كما تحارب الشيوعية؟)، فقد دعونا ممثلين من فصيلين تركيين رئيسيين، كلاهما إسلامويين: حكومة رجب طيب أردوغان وحركة فتح الله جولن.
الدعاية التي وزعتها الوفود التركية المشاركة في اجتماع الجمعية البرلمانية للناتو ومنتدى الشرق الأوسط. |
(وقد كان الاثنين حليفين مقربين حتى قبل بضع سنوات؛ والآن تتهم الحكومة جولن بترتيب انقلاب مزعوم في يوليو عام 2016 وتعلن أن أعضاء حركة جولن "إرهابيين،" تزج بمن استطاعت منهم في السجن وتحتقر من لم تستطع).
وافق أمري شليك، رئيس منتدى الرومي، وهي مجموعة فكرية موالية لجولن، فوراً على إلقاء كلمة. ومع ذلك، ولأطول وقت لم نتمكن من الحصول على رد لدعوتنا من السفارة التركية في واشنطن. أخيراً، وقبل أقل من أسبوع على انعقاد الحدث، أبلغنا موظفي اللجنة السياسية أنه ما لا يقل عن المكتب الرئاسي في أنقرة قد طالب بإزالة السيد شليك من البرنامج. وإذا رفضنا، فسوف يُلغي علينا.
وكان رد فعلى المبدئي، "حسناً، ألغوه". ونظراً لاستغراق الكثير من الوقت والمال والسمعة في المؤتمر، فقد استمتع المنتدى مع ذلك بالكاد بإيقاف ذلك. كما أننا لم نرغب في الانضمام إلى صفوف المسترضين الغربيين، مثل الجمعية البرلمانية لمنظمة حلف شمال الأطلسي، الذين يخضعون لإرادة أردوغان، ديكتاتور تركيا. فماذا نفعل؟
لقد اعتمدنا مساراً غير عادي: نعم، خرج اسم شليك من البرنامج وحضر دبلوماسي السفارة. إلا أنه بموافقة شليك، رتبنا له دخول الاجتماع عبر باب خلفي والانتظار بهدوء في الأجنحة حتى دعوته أنا بعد أن تحدثت في الجلسة الختامية حول العار والضرر الحاصلين من خضوع حلف الناتو لإرادة أردوغان، دعوْته إلى المنصة لإلقاء كلمة أمام المؤتمر.
قاطع الوفد التركي بصوت عالٍ أعمال المؤتمر قبل خروجهم غاضبين. |
ولدى إعلاني عن وجود شليك، وقفت الحامية التركية بكاملها واحتجت بصوت عالٍ لدرجة أن حراس الأمن لدينا هرولوا لحمايته. الرئيس المشارك لوفد الجمعية البرلمانية لمنظمة حلف شمال الأطلسي، فوجئ بفعلي، الذي وصفه بأنه "قنبلة"، وقد دفع شليك جانباً واستولى على المنصة. (لمشاهدة فيديو، انقر هنا.)
وفي ختام تصريحاته، حاول الرئيس المشارك إنهاء الاجتماع إلا أنني تدخلت، مؤكداً أن هذا الحدث يخصنا، ودعيت شليك مرةً أخرى إلى التحدث. ولدى استهلاله، خرج الوفد التركي أولاً من القاعة ثم تبعه بقية وفد الجمعية البرلمانية للناتو، تاركين ورائهم ضيوفنا الآخرين فحسب، والذين استقبلوا كلمته بحفاوة بالغة.
تحدَّثَ إيمري شليك ونظَرَ دانيال بايبس. |
وأنا أتقدم باعتذاري للجمعية البرلمانية لمنظمة حلف شمال الأطلسي لعمل هذه الخدعة. ولكنني أقف إلى جانب الخداع. ولقد كان من المستحيل لنا أن نتجاهل مبدأ تأسيس منظمة حلف الناتو وهو "حماية حرية" شعوبها. وكان من المستحيل على قدم المساواة أن أطلب من المنتدى، ولا سيما أنه عقد الاجتماع في مرمى البصر من قاعة الاستقلال وجرس الحرية، الإذعان لإملاء طاغية أجنبي.
في الواقع، على الرغم من الانسحاب، آمل أن يُعجب مندوبوا الجمعية البرلمانية لمنظمة حلف شمال الأطلسي سراً باتخاذنا لموقف ضد الطغيان وأن يستمدوا الإلهام من هذا التحدي الصغير. ولعلهم سيتعلمون الوقوف ضد بلطجة أردوغان - وهذا تحديداً ما لم يفعلوه في هذه الحالة.