قالت صحيفة الأستراليان، في مقال للكاتب دانيال بايبس، إنه لا يمكن الاعتماد على الرئيس عبد الفتاح السيسي في إجراء إصلاحات إسلامية.
وأضاف الكاتب أن حالة الإشادة التي حظي بها السيسي من الغرب بعد خطابه أمام علماء الأزهر ومطالبته بإجراء إصلاحات تتعلق بالإسلام، ووصلت الإشادة حدًا دفع البعض لترشيحه لحصد جائزة نوبل للسلام.
ومضى يقول: " لا يهم كم لطيفًا تبدو أفكار السيسي، حيث لم ينجح أي سياسي، لا سيما الطغاة، في إحداث تجديدات معاصرة للإسلام".
وضرب أمثلة على ذلك قائلاً: "إصلاحات مصطفى كامل أتاتورك في تركيا تعرضت لعملية ارتداد ممنهجة ومنذ نحو عشر سنوات، ألقى العاهل الأردني الملك عبد الله والرئيس الباكستاني آنذاك برويز مشرف خطابات لطيفة مماثلة حول الصوت الحقيقي للإسلام والاعتدال المستنير، لكنها ذهبت مباشرة أدراج الرياح".
ورغم أن تعليقات السيسي تبدو أقوى، والكلام للكاتب، لكنه ليس سلطة دينية، متوقعًا أن تختفي كلماته أيضًا دون أي أثر.
وتابع: "بالنسبة للمحتوى، أشاد السيسي بالإسلام وركز على ما سماه بالأفكار الخاطئة، متذمرًا من أن تلك الأفكار، التي لم يحددها، باتت مقدسة لا تستطيع القيادات الدينية انتقادها لكن السيسي انتقدها".
وقال الرئيس في لهجة عامية: "مش معقول يكون الفكر اللي إحنا بنقدسه ده يدفع بالأمة بالكامل إن هي تبقى مصدر للقلق والخطر والقتل والتدمير في الدنيا كلها.. مش ممكن يكون الفكر ده.. أنا مش بقول الدين.. بقول الأفكار دي التي تم تقديسها لمئات السنين، وأصبح الخروج عليها صعب أوي لدرجة أن هي بتعادي الدنيا كلها..يعني 1.6 مليار هيقتلوا الدنيا كلها عشان يعيشوا هم؟ مش ممكن؟ الكلام ده أنا بقوله في الأزهر هنا أمام رجال وعلماء الدين..والله لأحاجيكم يوم القيامة أمام الله سبحانه وتعالى على اللي أنا بتكلم فيه...انت مش ممكن تكون وأنت جواه حاسس بيه..لازم تخرج منه وتتفرج عليه، وتقرأه بفكر مستنير حقيقي..وبقول تاني إحنا محتاجين ثورة دينية".
ورغم أن كلمات السيسي تمثل تناقضًا مع طلاسم نظرائه الغربيين الذين يمتنعون عن ربط أي علاقة بموجة العنف الحالية بالإسلام، لكن الرئيس لم يحدد تفاصيل تتعلق بالثورة التي يسعى إليها، بحسب الكاتب.
وتساءل: " ماذا يدور في عقل السيسي؟"، وأجاب: "بعكس ما يردده معجبوه، فإنني أعتقد أنه بطل لنسخة خفية من الإسلاموية، تعرف بأنها تطبيق كامل للشريعة، في المجال العام".
وأضاف: " العديد من الإشارات أفادت أن السيسي كان مسلمًا محافظًا، يحفظ القرآن..كما قالت فاينانشيال تايمز إن زوجته محجبة، وأن إحدى بناته ارتدت النقاب..بل أن محمد مرسي الرئيس الإخواني عين السيسي وزيرًا للدفاع لأنه رآه جنرالاً حليفًا".
وتابع: "خلال دراسته في بنسلفانيا عام 2005-06، كتب السيسي بحثَا يروج فيه لديمقراطية تتكيف مع الإسلام، يكون لها تشابهًا قليلاً مع النموذج الغربي مع طابعها الخاص الممتزج بعلاقات دينية قوية".
نسخة السيسي الديمقراطية، بحسب البحث، لا تفصل المسجد عن الدولة لكنها تقوم على "المعتقدات الإسلامية"، بما يعني أن المؤسسات الحكومية ينبغي أن تضع المعتقدات الإسلامية في الاعتبار عند تنفيذ مهامها، أو بمعتى آخر أن تهزم الشريعة الإرادة الشعبية.
الورقة البحثية أيضا، وفقا للمقال، تشي بأن السيسي يضع نفسه جزئيا في مصاف السلفيين حينما وصف أيام الخلافة المبكرة بأنها ليست فقط " شكلا نموذجيا للحكومة"، لكن "هدفا لأي شكل حكومي جديد" آملا في إحياء الشكل القديم من الخلافة.
وقد تكون آراء السيسي عن الإسلام قد تطورت منذ انفصاله عن مرسي، بحسب المقال، لا سيما بعد شائعات تقاربه مع أحمد صبحي منصور، المفكر المصري. الذي كان يعمل مدرسًا بجامعة الأزهر ثم فصل في الثمانينيات بسبب إنكاره للسنة النبوية القولية، وتأسيس المنهج القرآني، والذي ذكره السيسي في ورقته البحثية.
لكن منصور ادعى أن السيسي "يلعب بالكلمات"، مشيرًا إلى انتظاره جدية الرئيس بشأن الإصلاحات.
ووصف الكاتب خطاب السيسي بأنه ليس موقفًا ضد الإسلاموية، لكنه ضد شكل عنيف محدد، متواجد في نيجيريا والصومال وسوريا والعراق وباكستان، وغيرها.
واختتم قائلاً: "الإصلاحات الحقيقية تتطلب شيوخًا لا طغاة، ونبذ تطبيق الشريعة في المجال العالم..ولكافة هذه الأسباب لا يحتمل أن يكون السيسي هذا المنقذ".