إنالنتائج النهائية في أنتخابات مجلس الشعب في مصر، تفيد أن الأسلاميين تمكنوا من كسب ٣٦٠ من ٤٩٨ مقعداً، أو ٧٢٪ من مجمل المقاعد. و لكن هذا الرقم المغلوط يعكس نية الديكتاتورية العسكرية أن تبقي في السلطة، و لا يعكس الرأي العام المصري.
في المقال السابق ("الأنتخابات المصرية الزائفة،" الذي نشر في السادس من ديسمبر) أشرنا أن أنور السادات، و حسني مبارك مكنوا الأخوان المسلمين من البرلمان "كستراتيجية لكسب المال و الأسلحة و المساندة الغربية،" و اليوم محمد طنطاوي و المجلس الأعلي للقوات المسلحة يتبعون نفس المنهجية و "لازالوا يلعبون نفس اللعبة القديمة."
و قد أعطينا ثلاثة براهين علي ذلك التحليل: (١) الأدلة المحلية للخداع الأنتخابي، (٢) أن المجلس العسكري لديه صفقة مع الأسلاميين، (٣) أن العسكر دعموا الأحزاب الأسلامية. و بعد سبعة أسابيع، هناك مؤشرات عن تزوير علي نطاق أوسع.
إن حزب المصريين الأحرار الليبرالي، قد أعلن في العاشر من يناير أنهم تقدموا بأكثر من ٥٠٠ شكوي عن أنتهاكات في الأنتخابات البرلمانية و "لم يتخذ فيها أي أجراء قانوني". و لذلك، قد أنسحب الحزب من أنتخابات الشوري "لأن الأنتهاكات يتم مكافئتها بالمكاسب الأنتخابية، و من يحترمون القانون هم من يتم معاقبتهم" و قد طالبوا بألغاء الأنتخابات.
و لقد أعلن أيضاً محمد البرادعي، المدير السابق للوكالة الدولية للطاقة الذرية أنسحبه من الترشح للرئاسة في ١٤ يناير بسبب اقتناعه بفساد الأنتخابات حيث قال: "ضميري لا يسمح لي للترشح في أنتخابات الرئاسة، أو أي منصب حكومي، إلا في ظل نظام ديمقراطي حقيقي."
و قد قدم ستة مرشحين في الأنتخابات شكاوي ضد العديد من المسؤلين مطالبين بإعلان بطلان الأنتخابات و إعادتها. كما ورد بتقرير في جريدة البديل في ١٠ يناير يفيد أن أحد مرشحين حزب الوفد، إبرهيم كامل، قد أعلن حصوله علي وثائق حكومية تشير أن المصريين المؤهلين للتصويت في الأنتخابات عددهم لا يتجاوز ٤٠ مليون، في حين أن عدد المصوتين في الأنتخابات كان ٥٢ مليون، حيث يبرهن أن هناك ١٢ مليون صوت مزيف وصلوا لصناديق الأنتخابات. زيادة عدد الأصوات لقد تحقق، بحسب قوله، من خلال مضاعفة الأسماء و الرقم القومي للأفراد المؤهلين للتصويت، حيث تضاعفت الأسماء من مرتين الي ٣٢ مرة في عدة دوائر أنتخابية.
لقد أكد أيضاً رئيس المجلس الوطني، ممدوح حمزة، أن هذا التلاعب علي حد قوله، "هو أكبر جريمة أنتخابية في تاريخ مصر." مصراً علي أهمية إعادة الأنتخابات البرلمانية بشكل كامل.
و علي الجانب الاخر، لم يحاول الأسلاميين المنتصرين كارهي الديمقراطية، أخفاء وصولهم للسلطة عن طريق التزوير. و لقد قال أحدهم بكل فخر و أعتزاز أنه من واجبهم الأسلامي أن يكونوا مخادعين. القائد السلفي طلعت زهران، لقد قال أن الديمقراطية، "كافرة"، "أجرامية"، و من أدبيات "بروتوكولات حكماء صهيون." و لقال بسخرية "أنه من واجبهم تزوير الأنتخابات، و سيكافئهم الله علي ذلك."
و أفصح أيضاً زهران عن تأييده لطنطاوي: "كما بايعنا مبارك، سنساند المجلس الأعلي للقوات المسلحة إذا قرر طنطاوي البقاء في السلطة، سنسانده حتي يموت." هناك تقارير تفيد أن الأسلاميين و العسكر يعملون سوياً بسلاسة في مجالات هامة مثل الحكم الذاتي للمؤسسة العسكرية تحت دستور ١٩٧١. و تحالفهم واقعي، لأن الأسلاميين يعملون علي توحيد المسلمين أمام العدو الكافر (خاصة اليهود و المسيحيين).
و في ظل كل تلك البرهين عن وجود تزوير أنتخابي، نحن نتحير كيف للسياسيين الغربيين، و الصحفيين، و المختصين أن يستمروا في أصرارهم أن تلك الأنتخابات تعتبر تعبيراً معتمداً عن الإرادة الشعبية. إين الصحفيين المتهكمين، و لماذا لا يتسائلون من أين اتي السلفيين الحاصلين علي ٢٨٪ من الأصوات؟ أين المحللين المتمكنين الذين استطاعوا رؤية التزوير في أنتخابات الأتحاد السوفيتي و روسيا، و لكن تم خداعهم في "أكبر جريمة أنتخابية في تاريخ مصر"؟ هل لأنهم يعطون للقاهرة الشرعية بسبب شراكتها مع الغرب منذ ٤٠ عام، أم لأن طنطاوي أكثر حنكة.
و في ظل أزدراء المجلس العسكري لنتائج الأنتخابات، نحن أيضاً مزهولين من تخيل المحللين أن تلك النتائج سيكون لها واقع ملحوظ علي مستقبل مصر. في الحقيقة، المجلس الأعلي تلاعب بالأنتخابات الأخيرة لصالحه الخاص، الأسلاميين تحصنوا في تلك المهزلة. نحن لا نشهد ثورة أيديولوجية، و لكن عسكر سيظلون في السلطة للتمتع بثمار الطغيان.
السيد دانيال بايبس رئيس منتدي الشرق الأوسط، و زميل في مركز هوفر. و الأنسة سينثيا فرحات ناشطة سياسية و شاركت في كتابة كتاب عن ثورة ميدان التحرير.