دانييل بايبس ليس حتما مستعربا اخر في سلسلة الباحثين في مراكز الدراسات و البحوث الأميركية المتخصصة في الشرق الأوسط و المؤثرة في اتجاهات السياسة الخارجية للقوة العظمى الوحيدة في العالم اليوم.
انه محلل <<الأمر الواقع>> في سياسة الشرق الأوسط، وهو جزء من مجموعة صغيرة ولكن نامية في الولايات المتحدة يمكن تسميتها باﻟ<<لوبي الكويتي>> الذي بدأ في التشكل بعد حرب تحرير الكويت نتيجة جهود كويتية رسمية و شعبية متمثلة في مشاركات المسؤولين كويتيين في مناسبات القوات المسلحة الأميركية، و جهود اجتماعية ناشطة الأفراد. كويتيين و أميركيين من خلال مؤسسة <<كويت - أميركا فاونديشن>>.
و الدكتور بايبس، الذي يشار اليه بالبنان بين المهتمين بشؤون الشرق الأوسط ﻛ<<صديق للكويت>> كما يشار الى غيره بأنهم <<أصدقاء لاسرائيل>> و <<أصدقاء لايرلندا>>، هو أحد المنادين بعلاقات كويتية - اميركية أقوى و أوثق مما هي عليه الان.
و كرئيس لمعهد <<ميدل ايست فورم>> المستقل، و رئيس التحرير المطبوعته الفصلية <<ميدل ايست كوارترلي>>، يرى بايبس قنوات متعددة لتدعيم العلاقة الكويتية - الأميركية و يوليها أسبقية على غيرها من التحالفات الأميركية مع دول في المنطقة.
ورغم ان العلاقة الكويتية – الأميركية لا تتوقف في رأيه على موقف الكويت من اسرائيل، الا انه يؤمن ان علاقات كويتية – اسرائيلية ستختصر مسافات كبيرة و تجعل من الأمن الكويتي شأنا أميركيا داخليا، عدا عما يراه من منافع متبادلة، ليس ثنائيا فقط بين الكويت و اسرائيل، ولكن ثلاثيا مع الولايات المتحدة.
و هو يضع اللوم كله في سلة ياسر عرفات و الفلسطينيين عندما يتحدث عن التقهقر في عملية السلام في الشرق الأوسط.
فطبقا لتحليله، لم يتوقف الارهاب بعد توقيع اتفاقات الحكم الذاتي في سبتمبر ١٩٩٣ في حديقة البيت الأبيض و جاء انتخاب بنيامين نتنيا هو كنتيجة لذلك.
ورافق الدكتور بايبس في لقائه مع <<الرأي العام>> في مقرها نائب رئيس مجلس الادارة توماس تروب، و هو محام مارس السياسة لمدة ثلاثة عشر عاما كسياسي منتخب عن الحزب الديموقراطي الحاكم حاليا.
وكان وفد من معهد <<ميدل ايست فورم>> برئاسة بايبس زار الكويت الأسبوع الماضي بدعوة من وزير الإعلام الشيخ سعود ناصر الصباح.
ويثير كثير من اَراء الدكتور بايبس مكامن التفكير. وسيختلف معه كثيرون كما سيتفق معه اخرون. ولكن بعيدا عن ذلك آراؤه جديرة بالقراءة.
وهنا نص الحوار:
● كيف يمكن تقوية العلاقة القائمة بين الكويت و الولايات المتحدة؟
- هناك الصلة العاطفية بين الكويت و الولايات المتحدة، فنحن و انتم مررنا معا في فترة مهمة، ربما كانت إحدى أكثر الفترات هيجانا سياسيا في الولايات المتحدة خلال السنوات العشرين الماضية.
و هناك التأكيد على مصلحتنا المشتركة في كويت مستقلة و فاعلة، ليس فقط من وجهة نظر النفط و لكن استراتيجيا و عسكريا. و أنا واحد من الناس الذين يتمنون ان يروا الولايات المتحدة و الكويت تعملان المزيد في هذا الاتجاه، مع الكويت أكثر من بعض الدول الأخرى في المنطقة و من الجانب الثقافي، تعتبر ديموقراطيتكم مهمة جدا بالنسبة الينا. اتها مثال المجتمع متسامح و مفتوح. فالدول الأخرى في المنطقة ستتبعكم. انتم القادة.
● في القاء له مع <<الشرق الأوسط>> السعودية الصادرة من لندن، تحدث حسن الترابي من السودان عن <<كيانين مضطنعين>> في الشرق الأوسط حسب تعبيره هما اسرائيل والكويت و يمكن الزد عليه من جوانب عدة ولكن هناك جانبا لهذا الموصوع هو المقارنة بين الكويت و اسرائيل. انظر الى اسرائيل وحاول تطبيق أسلوبها في المحافظة على أمنها.
وربما هذا ما نحتاج لأن نفكر به في نهاية اليوم، من أجل بقائنا على الأقل والماذا لا نكون صريحين مع أنفسنا هنا في الكويت ونسأل أنفسنا الأسئلة المهمة: كيف يمكننا أن نرفي بمصلحتنا المشتركة مع الولايات المتحدة سياسيا واقتصاديا واجتماعيا الى مصاف العلاقة الأميركية – الاسرائيلية؟
في طريقنا الى هنا أتذكر انني قلت لزميلي توم انه يبدو لي ان هناك تشابها قويا بين وضع الكويت و وضع اسرائيل. اذ لديكم مشكلة <<وجود>> لا تنتهي مع العراق و بالأسلوب ذاته اسرائيل لديها أعداء لا ينتهون بإمكان اسرائيل ان بنبصر قدر ما تريد في حزوبها، ولكنهم لا ينتهون. و هناك تشابه هيكلي لجهة العلاقة مع الولايات المتحدة فنحن في مركز العالم اليوم. و من يريد عمل أي شئ، أكان ذلك في التوسنة أو كمبوديا أو أرمينيا أو اذربيجان، لا بد أن يأتي الينا. وبالنسبة الينا هذا وقت صعب لفعل ذلك. و ليس ذلك بسبب زيادة عدد الدول في العالم بمقدار مئة أو مئة وخمسين، و انما الأننا فقدنا معظم اهتمامنا في مسائل العالم. فهناك كثير من الأحداث، بينما يتركز اهتمامنا على الضرائب و التعليم ومسائل داخلية أخرى.
وأرى ان رؤيتك للعلاقة الأميركية. الاسرائيلية على أنها أمر فوق العادة صحيح. و أنا أزعم ان ليس لدينا مثل هذه العلاقة مع أي دولة أخرى. و هي علاقة غامضة نوعا ما حتى بالنسبة الى بعضنا الذي يراها عن كثب. و هناك كثير من الأمثلة على خصوصيتها هذه. احدها هو اننا انشأنا منطقة للتجارة الحرة مع اسرائيل في ۱۹۸۵ . و هي مخفية تماما عن الأعين. فلم يسمع بها أحد و مررها مجلس النواب في الكونغرس من دون معارضة.
و أنشأت الولايات المتحدة في ۱٩٩٣ جاءت المنطقة الحرة للجدل فعلا. يعني ذلك ان هناك منطقتين تجاريتين مع الجارتين و واحدة مع هذه الدولة الصغيرة التي تبعد عنا ثمانية الاف كيلومتر. اثنتان اثارتا جدلا سياسيا محتدما و الثالثة لم يتحدث عنها أحد. و هناك قصص كثيرة على هذا المنوال.
دعوني أعطيكم مثلا أخر. رئيس الولايات المتحدة لا يأبه كثيرا للديبلوماسيين الأجانب المتمركزين في واشنطن. ولكن الرئيس ليندن جونسون أقام علاقة و ثيقة ليس فقط مع السفير و لكن مع موظف صغير في سفارة اسرائيل في واشنطن في الستينات. و دعاه لقضاء عطلة معه في مزرعته في تكساس حيث تجول معه في سيارته في انحاء المزرعة. ومن المعروف عن جونسون انه كان سائقا متهورا فسقطت سيارته ذات مرة في حفرة وانقلبت.
واضطر رجال الحماية المرافقون الى التدخل. هذا أمر لا يمكن تخيل حدوثه لرئيس الولايات المتحدة مع ديبلوماسي أجنبي مغمور من أي دولة أخرى. كما ان القدر الأعظم من المساعدات الأميركية الخارجية يذهب الى مصر ليست بعيدة عن هذا الاطار.
و المساعدات لمصر و اسرائيل تمثل ثلاثة أرباع المعونات الخارجية الأميركية. و هناك أمثلة لا تنتهي. و لم يحدث نتيجة مؤامرة. و ليست هناك منظمة يهودية لحكماء صهيون تدير الولايات المتحدة ، كما أنها لم تحدث لأن السياسيين الأميركيين رأوا في اسرائيل مخلبا لصد الاسلام أو القومية العربية، أو للحصول على النفط، ليس أي من هذا، وإنما هو نتيجة جهد مكثف من اسرائيليين و من اصدقاء للاسرائيليين كثير منهم يهود ولكن ليسوا كلهم يهوداً.
فكثير من المسيحيين الانجيليين يعبرون عن اهتمام كبير بسلامة ورخاء اسرائيل، لأسبابهم الخاصة. واستثمرت جهود كبيرة في هذا المجال.
انتم الكويتيون، ليس لديكم وجود سكاني كثيف في أي مكان، وليس في الولايات المتحدة حتما. المال يستطيع أن يفعل كل شيء. فلا بد أن يأتي الأمر عن طريق أفراد مهتمين بتطوير العلاقة بين الكويت والولايات المتحدة.
نعم، لديكم ألفا طالب وطالبة في الجامعات الأميركية. و أنا أرى أنه اذا أردتم تدعيم وتقوية و توسيع العلاقات الكويتية. الأميركية، فسيكون ذلك من خلال الاستمرار في ما بدأتم به: ارسال الكويتيين الى الولايات المتحدة و دعوة الأميركيين الى هنا و خلق تفاهم عبر الانقسام الجغرا في و الثقا في بيننا. ولا أرى أنها مهمة مستحيلة. اعتقد ان معظم الأميركيين يودون زيارة الكويت، فهذه دولة اكثر اثارة وديناميكية و تعقيدا مما يتصوره كثيرون. و هذه كانت حتما تجربتي عندما زرت هذا المكان للمرة الأولى. انطباعي عن الكويت كان انها النفط. لا شيء سوى ذلك. وأتيت الى هنا وأمضيت اسبوعا لاكتشف ان هناك أشياء كثيرة لم أعرفها.
- و أمسك توم تروب بخيط الحديث، فقال: أعضاء مجلس ادارة <<منبر الشرق الأوسط>> هم ربما أكثر علما بمسائل الشرق الأوسط مقارنة بالمواطن الأميركي العادي. و ليس هناك واحد بينهم لا يستطيع أن يحدد موقع الكويت على خريطة العالم. عندما أتيت الى الولايات المتحدة أحمل معي انطباعا رائعا بحق عن الكويت. الصحافة، على سبيل المثال، وسأكون صريحا معك، عندما وصلت الى هنا تحدث أحدهم عن الصحافة الكويتية. و انا ربما كنت أميل الى الاعتقاد بانه عندما يقول أحدهم ان الصحافة حرة هنا فإن هذه الحرية هي ربما كما يرونها و حسب تعريفهم لها. و لكنني مأرجع الى وطني لأخبر الناس شيئا مغايرا تماما. وأحمل ايضا انطباعا عن مدى مرونة الكويتيين ومنبهراً تماما بحققيقة ان هذه الدولة الصغيرة تعيش في <<حارة صعبة>> فهناك تصميم وارادة لإبقاء هذا البلد حرا مستقلا. ومن الصعب ان تغادر مكانا مثل هذا من دون ان تكون منبهرا. وأنا أقول هذا من واقع تجربتي كسياسي منتخب لمدة ثلاثة عشر عاما. اعتقد انكم اذا استطعتم ان تأتوا الى الكويت بعدد كبير من موجهي السياسة الأميركية، من كتاب و معلقين، فستتمكنون من خلق صداقة تخدم الكويتيين في شكل جيد.
أتذكر انه عندما وصل احد الحضور الى الحاضرين قائلا: إنه <<صديق للكويت>>، مثل هذا الكلام قد يبدو موغلا في العاطفة بالنسبة الى الأميركيين. ولكنني لا أعتذر عن كوني أميركيا عاطفيا، وسأكون قخورا لوقدمني أحدهم يوما ما قائلا هذا صديق للكويت.
دخل النقاش هنا مسألة عزيزة عاى قلب بايبس و هي اقامة علاعات كويتية-اسرائيلية على أسس المصلحة المشتركة . فهو يرى ان البلدين يشتركان في خصائص عدة. فالكويت واسرائيل دولتان صغيرتان محاطتان بهواجس أمنية في محيط مليءبالعنف>>. والشعبان الصغيران يشتركان في قيم الديموقراطية و حرية الصحافة ودولة المؤسسات. و الاثنان يعتمدان في استقرارهما الى حد كبير على الولايات المتحدة.
ورأى الضيفان الأميركيان انه يمكن للكويت الاستفادة من التطبيقات الأمنية الاسرائيلية في الداخل التي نجحت في خلق مجتمع منتج متماسك خلال خمسين عاما تخللتها حروب، وعلى الرغم منها واعتبرا ان علاقة كويتية - اسرائيلية ستعطي بعدا جديدا لأحد جوانب الوجود الأميركي في منطقة الخليج الا وهو تسهيل مهمة الولايات المتحدة في ضمان أمن وسلامة الكويت والدول الأخرى الصديقة في المنطقة، ورأى بايبس ان مثل هذا الأمر من شأنه أن يخلق للكويت موقعا جديدا داخل المؤسسة السياسية الأميركية وفي أجندة الشأن المحلي الأميركي.
وقال بايبس: بإمكانكم ان تصبحوا جزءا من ذلك التواصل الأميركي. الاسرائيلي اذا قيل علنأ مثل هذا النوع من الكلام الذي أقوله أنا وزميلي ومن الواضح ان ذلك سيكون على حساب أخرين، ولكنكم ستقفزون فجاة الى مستوى جديد تماماً، لأننا ننظر الى الشرق الأوسط بعيون إسرائيلية الى حد كبير. ومرة نحن نحترم الإسرائيليين ونهتم برفاهيتهم. انظروا ماذا حدث مع السادات. لم يكن صديقاً للأميركيين، ولكنه انضم الى المحادثات وأصبح فجاة بطلا <<سوبر ستار>> في أميركا. وهناك عرفات. قتل أميركيين وليس صديقأ للولايات المتحدة. مدّ يده الى الإسرائيليين ووجد نفسه فجأة في حديقة البيت الأبيض. ويمكن لسورية أن تكون كذلك.
وتابع: إذا جاء قراركم استراتيجياً فستنضمون فعلاً الى المخيم الأميركي. وعندها فإن أموراً كثيرة ستصبح متاحة. وستجدون طوفاناً من المشاعر والدعم تجاهكم. وسيكون هناك تغير دراماتيكي في علاقتنا. ستصبح مثل هذه العلاقة وثيقة ودائمة. انه الطريق المختصر. بل هو الطريق إياه. بعد ذلك لا تحتاجون الى شركة يونين كاربايد أو أي شيء من ذلك القبيل . اقفزوا فوق كل ذلك.
● وزير الإعلام الكويتى الشيخ سعود ناصر الصباح هو أحد المسؤولين هنا على ارتباط ومشاركة في أنشطتكم كيف ترون مشاركة شخصية في مثل أهميته وموقعه في نشاطاتكم وتواصله معكم؟
أجاب بايبس: أعتقد انه يمثل ثروة مهمة للغاية لأنه يفهم الولايات المتحدة جيداً، فربما هو الكويتي الوحيد الأكثر حضوراً هناك، ولديه إلمام استراتيجي بمعضلة الكويت. ونحن أحد المراكز البحثية التي ترى فيه عاملا مساعداً في بناء العلاقة. ويسعدنا ان نساهم في ذلك، ليس فقط لأن ذلك في صالحكم بل لأنه يصب في مصلحتنا أيضاً.
● هل ترى في الافق ما يسمح للولايات المتحدة وللرأى العام هناك بقبول التعامل مع عراق يقوده صدام حسين؟
- يجيب بايبس: لا ارى ذلك ممكناء فالولايات المتحدة تختلف عن الديموقراطيات الغربية الأخرى في مسالتين اساسيتين، وهناك نوع من الغموض، هنا لا استطيع ان اشرح سببه، ولكن استطيع ان أحدده. الاول هو اننا كشعب لدينا حس استراتيجي لكبر. نحن نشعر بالاخطار المحتملة ونراها في شكل ابعد من اصدقائنا الاوروبيين مثلا. ففي اثناء الحرب الباردة رأينا الخطر السوفياتي في شكل اوضح من الاوروبيين او اليابانيين. الامر الانساني في صورة اعمق. الاوروبيون ومعظم بقية العالم يتعاملون في مستوى المصالح المجردة. على سبيل المثال، احد جوانب الحرب الباردة بالنسبة الينا كان الاهتمام بأوضاع شعوب الاتحاد السوفياتي اضافة الى الهم الاستراتيجي المتمثل في ترسانة الاسلحة. والمثال ذاته ينطبق على حرب تحرير الكويت والاهتمام الانساني بماساة كل من الشعبين الكويتي والعراقي. ونحن لا نبيع اسلحة الى العراق كما لا نبيعها الى ايران فالتجارة شيء جميل ولكن هناك اعتبارات اخرى ايضا.
تروب: منذ نهاية حرب تحرير الكويت حتى الان لا اتذكر انني قرات مقالة واحدة او سمعت رأيا ولو يتيما في وسائل الاعلام الاميركية يدعو الى اعادة النظر في موقف الادارة الاميركية من صدام حسين: نحن صامدون فلا تقلقوا من جانبنا.
● كيف ترون في مركزكم المأزق الذي وصلت اليه العملية السلمية في الشرق الاوسط بعد انتخاب حكومة بنيامين نتنيا هو التي قوضت كثيرا من نجاحات حكومة اسحق وابين؟
- بايبس: اسرائيل تجد نفسها في وضع يشبه وضع الكويت. هناك حركة رفض من جانب الفلسطينيين و غيرهم الذين لا يريدون القبول باسرائيل. وهناك هو لب المشكلة، فبينما اشار عرفات قبل اربع سنوات الى أنه يقبل باسرائيل فان شعبه لا يشاركه هذا الشعور. وارى أن المشكلة اعمق من ذلك. هناك زعماء قبلوا السلام مع اسرائيل مثل السادات والملك حسين ولكن لا تقبل شعوبهم ذلك السلام. فتم ذبح السادات ولم يبكه احد، اعتقد ان هذه قضية وئيسية. الاسرائيليون لجأوا الى القوة العسكرية وحققوا بعض نجاحات. ولكن هذا ليس حلا. المؤسسة العسكرية والمؤسسة التجارية في اسرائيل قد لا يعجبها هذا الكلام ولكن حان الاوان لمواجهة الواقع.
● كلام مثير، ولكن شمعون بيريس يقول كلاما مغايرا..
- اعلم ذلك.
● ...بيريس يقول ان هذه الحكومة دمرت توجها كان يتنامى بين الدول العربية في اتجاه اقامة سلام كامل مع اسرائيل.
بايبس: و انا اقول ان ذلك يشبه القبول برأي كويتي يقف في يرلمان بلاده ليقول ان مشكلتنا مع العراق اننا نقوم باستفزازه و ان العراقيين اظهروا نضجا وانهم تغيروا ويجب علينا التعاطي مع ذلك. هذا كلام خاطئ. انه كلام يعكس اما وهناً او رفضا بقبول واقع الامور. وأرى أن بيريس اصبح وهناً جدا. فقد مضى على عمله السياسي ستون عاما وهو عمل جنديا ومن بعده ابناؤه وأحفاده. وهو يريد وضع نهاية لذلك. والقيام بتحليل لهذا النزاع في مثل هذا الوقت يظهر انك لست في موقع يسمح لك بتقرير هل الحرب انتهت مع العراق. لا يمكنك ان تقول ان النزاع اصبح في طي الماضي. يجب ان تقبل الشعوب بالسلام.
● ولكن هذه هي المشكلة. كثير من الزعماء العرب الذين يقررون السلام نيابة عن شعوبهم ليسوا مفوضين، الديموقراطية هي المعضلة بعكس اسرائيل.
- ولكن عندما يكون لديك زعماء مثل مصر و الاردن ممن هم ايجابيون حقيقة و يريدون بصدق انهاء النزاع، لا أرى سببا يمنع القبول بهذا التوجه.
● المعضلة هنا هي انك بوضعك اللوم كله في سلة عرفات تتغاضى عن نقطة محورية وهي ما قام ببنائه رابين وتالياً ما يقوم نتنيا هو بهدمه. ليتك كنت هنا. في الأردن أو لبنان أو مصر، أو حتى في الكويت في اليوم الذي تلى اغتيال رابين على يد متطرف يهودي. كانت هناك في منتديات خاصةً، بين غرف مكاتب العمل، مناظر حقيقية المشاركة رجال ونساء بسطاء في الحزن، ليس في مقتل رابين ربما ولكن في سقوط التوجه الجديد للدولةً الاسرائيلية تحت قيادة رابين في الوصول الى تسوية و تالياً الى سلام يضع حداً للقتال في المظقة. كانت هناك روح جديدة. تيار جديد. تباشير الاستقرار و الحديث عن التنمية ومشاكل الناس الحقيقة. مشاكل المعيشة. جاء نتنيا هو وفشل في ملاحظة رياح التغيير هذه وقلب الأمورعلى أعقابها. وضع المنطقة من جديد على أعتاب الحرب..
- دعني أرد عليك باعطاء مثال عن الحرب الأميركية – الفيتنامية. عدد لا يستهان به من الأميركيين وأى في تلك الحرب عدواناً أميركياً. كان هناك العديد من الفرنسيين في الحرب الجزائرية الذين رأوا فيها عدواناً فرنسياً. ربما كان بعضهم على حق وربما كانوا على خطأ. ففي ديموقراطية ناضجة هناك مساحة كبيرة من الاراء وهي عادة ما تتهم حكوماتها بأنها سبب المشكلة.
أما بالنسبة للنقطة الثانية ومفادها ان موت رابين أدى الى تجاوب عاطفي وان الأجواء تغيرت. ولكن السؤال هو: لماذا تغيرت الأجواء؟ لماذا أنتخب نتنياهو؟ تم انتخابه لأن الارهاب لم يتوقف. الهدف من هذا الكلام هو الاتي: كان هناك اتفاق. و افق الاسرائيليون على اعطاء الفلسطينيين أموراً مثل السلطة و الشرطة و الحكم الذاتي في مقابل القبول بسلام مع اسرائيل و القبول بالدولة. قالوا لهم انه ستكون هناك خلافات بيننا. ولكن من تلك اللحظة و صاعداً لن يلجأ أي منا الى القوة . لن يكون هناك ارهاب. استنتاجي هو انه من العدل القول ان هذه الالتزامات لم تنفذ.
الشعب الاسرائيلي أصيب بالاحباط و الخيبة.
نعم كلامك صحيح ان هناك تغيراً في الأجواء و المزاج. ولكن انتخاب نتنياهو هو نتيجة و ليس السبب. ولذلك فإنني ألوم الفلسطينيين وأرى انهم لم يلتزموا بالمبادئ الأساسية.
بل حتى في ليلة الاحتفال في حديقة البيت الابيض، ظهر عرفات في شاشات التلفزيون منادياً الى <<الجهاد>>.