مقدم الحلقة: جمانة نمور
ضيوف الحلقة:
- شبلي التلحمي/ أستاذ علوم سياسية بجامعة ميريلاند
- محمد السيد سعيد/ نائب رئيس مركز الأهرام للدراسات السياسية والإستراتيجية
- دانيال بايبس/ باحث بمركز دراسات الشرق الأوسط
جمانه نمور: أهلا بكم، نحاول في حلقة اليوم التعرف على الجديد في الخطاب الأخير للرئيس الأميركي جورج بوش مقارنة مع خطاباته السابقة والأسباب وراء لهجته الحادة ونطرح فيها تساؤلين اثنين، ما الجديد في لغة ومحتوى خطاب الرئيس الأميركي الأخير؟ وفي أي سياق سياسي داخلي وخارجي يأتي خطاب بوش؟ قدم الخطاب الأخير الذي ألقاه الرئيس الأميركي جورج بوش أمام هيئة أميركية لدعم الديمقراطية في العالم قراءة رجل البيت الأبيض الأول للمخاطر التي لا تزال تحدق بأميركا والعالم كله غير أن عددا ممن تابع تلك الكلمة وجد فيها دلالات أخرى تعكس أوضاع خاصة يمر بها الرئيس الأميركي هذه الأيام.
[تقرير مسجل]
نبيل الريحاني: لم يعد الرئيس الأميركي جورج بوش سيفه إلى غمده ذلك ما فهمه كل من تابع خطابه الذي ألقاه الخميس الماضي أمام الهيئة الوطنية الأميركية لدعم الديمقراطية، خطاب كان في بعض من أبعاده مختلفا عما سبقه، عاد فيه سيد البيت الأبيض إلى العزف على وتر الخطر الوشيك وضرورة اليقظة والتحرك السريع لضرب الشر المحتمل، بوش أنعش ذاكرة الأميركيين وأيقظ فيها صور الحرب على الشيوعية من أجل الحرية والتقدم، سقطت الشيوعية وجاء الدور على ما أسماه الراديكالية الإسلامية لتحتل مكانها وتتحول إلى التهديد الذي يستهدف الإنسانية ويسعى جاهدا لتدمير الولايات المتحدة والغرب، اللافت فيما قاله هو التركيز على الخلفية الإيديولوجية للقاعدة والتي أوسعها انتقادا معتبرا القضاء عليها أولوية لا تقبل التأجيل، لم ينفرد أسامة بن لادن وتنظيمه بوجبة الوعيد فقد اقتسمها معه السوريون والإيرانيون لأنهم يمثلون نظما شمولية تساعد الإرهاب وتتستر عليه أما روسيا فقد ذاقت من كأس الإرهاب في حادثة مدرسة بيسلان بعدما رفضت حسب بوش دائما المشاركة في تحرير العراق، العراق الذي يشترك بوش والقاعديون في اعتباره ساحة المواجهة المركزية بينهما تعهد الرئيس الأميركي بأن يحقق فيه النصر على أعدائه وبأن لا يتراجع عن حربهم أبدا، نبرة متشددة لم تذكر فيها الإدارة الأميركية الشيوعية عدوها الراحل بخير لتقارن بينه وبين العدو الجديد الإسلام الراديكالي على نحو لم ينجح في طمس الفارق بينهما، تلك أيام خلت وهذه أيام أخرى يعيش فيها بوش وضعا لا يحسد عليه خلفته أعاصير الطبيعة المدمرة في الساحل الغربي الأميركي وأعاصير المعارك العسكرية والفضائح الحقوقية في العراق الجديد، وضع حساس يراه خصوم بوش الدافع الحقيقي الذي جعل الرئيس الأميركي يحك قمم محاربة الإرهاب لعل مارد الخوف من هجمات جديدة للقاعدة يعيد له شيئا من شعبيته التي تراجعت في الآونة الأخيرة.
جمانه نمور: ومعنا في هذه الحلقة من واشنطن الدكتور شبلي التلحمي أستاذ العلوم السياسية بجامعة ميريلاند ومن القاهرة الدكتور محمد السيد سعيد نائب رئيس مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية وعبر الهاتف من العاصمة الأميركية أيضا دانيال بايبس من مركز دراسات الشرق الأوسط، دكتور شبلي بما يختلف خطاب الرئيس الأميركي يوم الخميس عما سبقه؟
شبلي التلحمي- أستاذ العلوم السياسية بجامعة ميريلاند: أعتقد أن هناك خلافات كبيرة حتى أن الرئيس بوش في خطابات سابقة قارن بين ما سماه بالإرهاب لم يسميه الفاشية الإسلامية وإنما سماه بالإرهاب، قارنها بالحركات السابقة ومنها الفاشية في السابق لم يذكر الشيوعية بشكل مباشر لهدف واضح وهو كان أنه يحاول التقرب من الصين في هذا الموضوع النقطة الرئيسية في هذا الخطاب هي ربط قضية العراق في قضية الإرهاب وقضية القاعدة طبعا لأن وضع التأييد الشعبي الأميركي حاليا ضعيف كثير في هذا الموضوع ويحاول الرئيس أن يبرر.. يتساءل الشعب الأميركي لماذا نحن في العراق؟ ولم يعد أحد يعرف ما هي الأهداف الرئيسية فحاول الرئيس بوش في هذا الموضوع بأن يبرر التواجد الأميركي في العراق وأيضا أن يبرر.. يطلب من الشعب الأميركي الصبر فنحن عندما نقول محاربة الشيوعية يعني أن ذلك أخذ سنوات طويلة لذلك يجب ألا يتوقع الإنسان نتائج بسرعة ففي هذا الموضوع كان هناك هدف نفسي داخلي.
جمانه نمور: دكتور محمد يعني برأيك هل فعلا طلب الصبر من الشعب الأميركي كان يستدعى هذا التصعيد إن صح التعبير في لهجة الرئيس الأميركي يعني دكتور شبلي لا يرى اختلاف شديد بين خطابه هذا وخطاباته السابقة لكن معظم المحللين رأوا أن هناك على الأقل تصعيد في اللهجة وحدة في اللهجة، برأيك هل هو طلب صبر أم تعبئة أم ماذا؟
محمد السيد سعيد- مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية: بكل التأكيد هناك تراجع كبير في شعبية الرئيس بحيث لم تزد في الاستطلاعات الأخيرة عن 35 إلى 38% من الشعب الأميركي وهي أقل نسبة يحصل عليها الرئيس الأميركي الذي كان قد وصلت شعبيته في أعقاب 11 سبتمبر مباشرة إلى أكثر من 90%، هناك أيضا المحاكمة الشعبية التي تجري في نيويورك يوم 21 – 22 أكتوبر الحالي برعاية المؤرخ الأميركي هوارد برين لكن أنا أعتقد أن الجديد في هذا الخطاب ليس التصعيد وإنما أنها لغة مختلفة إلى حد ما، نلاحظ أن اللغة أو الدلالات الأخلاقية والدينية قَلت إلى حد ما دون أن تنسحب تماما مقابل تبني لغة سياسية أفرزها يعني قطاع من اليمين الأميركي الأقرب إلى الليبرالية أو ما يمكن أن نسميه التبشيريون الجدد فهؤلاء وصموا الحركات الإسلامية بأنها فاشية وهي لغة تسقط التجربة الأوروبية والغربية عموما على واقع مختلف تماما عنها وواقع يتم التنويه على طبيعة التناقضات فيه، الرئيس الأميركي أيضا استدعى صورة الشيوعية وهي لغة سياسية وليست لغة دينية من أجل أن يطمئن الشعب الأميركي بأن ما حدث للاتحاد السوفيتي سوف يحدث أيضا للإسلامويين أو الجهاديين الذين اسماهم بالراديكاليين المتطرفين وهو يعني أمر طبيعي من وجهة نظر أن هناك يعني استحضار لصورة العدو وهو ما يجعل الرئيس الأميركي يسقط في النظرية التي راجت طوال العشرين عاما الماضية والتي تقول بأن الولايات المتحدة الأميركية واليمين الأميركي خصوصا يبحث عن عدو ما لكي يبرر عسكرة المجتمع الأميركي ومضاعفة موازنة الدفاع والنفوذ الكبير الذي يحتله اليمين والمركب باصطناع عسكري في الولايات المتحدة.
جمانه نمور: اسمح لي دكتور محمد أن آخذ رأي السيد دانيال بايبس في هذه النظرية.. نظرية الحاجة إلى عدو يعني بين هلالين كمفهوم، ما رأيك هل لهذا عاد الرئيس الأميركي أكثر من مرة إلى تعبير الشيوعية.. ست مرات استخدمه في خطابه الأخير؟
دانيال بايبس- مركز دراسات الشرق الأوسط- واشنطن: كلا لا أعتقد أن هناك حاجة على عدو فلدينا عدو وأعتقد أنه من الخطأ تفسير كلام الرئيس بمعنى أنه له علاقة بشعبيته، أنا أرى الأمر بشكل مختلف تماما وأرى أنه عملية تعليمية تثقيفية مستمرة وفي رأيي هناك مراحل مختلفة للحرب بين الإسلام المتطرف والولايات المتحدة الأميركية، أول مرحلة بدأت عام 1979 بظهور آية الله الخميني والاستيلاء على السفارة الأميركية في طهران وسنوات الـ 22 اللاحقة فهم الأميركان المشكلة على أنها مشكلة تطبيق القانون والنظام بين مطبقي القانون والمجرمين وبعد ذلك أشار الرئيس بوش إلى الحرب ضد الإرهاب ولم يعد يتكلم عن فرض القانون أو النظام وقبل يومين في السادس من أكتوبر تشيرين الأول بدأت المرحلة الثالثة ألا وهي عندما تحدث الرئيس بوش بتفاصيل كبيرة ليشرح ما هي أمراض وأفكار الإسلام المتطرف وأعتقد أن هذه مرحلة رئيسية وأنني أشجع ضيوفكم ومشاهديكم ألا ينظروا لذلك على أنها البحث عن عدو بل أن هذا يعني طرحا للمفهوم الأميركي لمن هو العدو الذي نواجهه.
جمانه نمور: نعم سوف نناقش هذه النقطة ولكن ما دمت قد عدت إلى التاريخ هناك جملة أيضا ذكرها الرئيس بوش وقال الراديكاليون استهدفوا مصر والمملكة العربية السعودية وباكستان والأردن في السنوات الماضية لمحاولة السيطرة على هذه البلدان يعني ربما لم نسمع كثيرا مثل هذا الكلام من الرئيس الأميركي أم أننا سمعناه مثلا بصياغة أخرى، ماذا قصد تحديدا قلب النظام في دول من هذا النوع؟ نعم سيد دانيال.
دانيال بايبس: يجب أن نفهم هذه النظرية بمعنى وجود هدفين للمتطرفين المسلمين، الأول إخراج الغربيين من المنطقة وثانيا السيطرة على الأنظمة في الدول الإسلامية وثالثا خلق دولة إسلامية من أسبانيا إلى إندونيسيا، إذاً الآن هو قدم نظرية واسعة عن أهداف الإسلاميين وهذا أمر يشكل أرضية جديدة للنظر في الأمور.
جمانه نمور: على كل دكتور شبلي الرئيس استطرد هذه الجملة قائلا بأن هؤلاء حققوا هدفهم في السابق في أفغانستان والآن عينهم على العراق، يعني هذا الخطاب وكل التفاصيل وحديث الرئيس بوش خلاله عن تقدم في العراق هل هذا يعني أن الرئيس بوش يرتكز على معطيات جديدة تؤشر على تقدم في حربه على الإرهاب عبر جبهة العراق أم يمكن أن تكون على العكس من ذلك يعني أصبحت في مفترق معين شكلت له إحراج كما رأت الكثير من التحليلات والتعليقات؟
شبلي التلحمي: دعيني أعطيك فكرة عن الرأي العام في الولايات المتحدة حاليا، هناك اتفاق على مستوى كثير من المحللين وبين الجمهوريين والديمقراطيين بأن القاعدة بالذات تريد إقامة خلافة إسلامية على طراز طالبان وهذا مرفوض من قِبَل الرأي العام الأميركي كما هو مرفوض من قِبَل الرأي العام العربي والإسلامي، واضح أن يعني فكرة الرئيس في هذا الموضوع لا تختلف كثيرا عن الفكرة الواردة في واشنطن بشكل عام عن أهداف القاعدة بالذات، القضية هنا هي إقناع الرأي العام أولا أن هذه النظرية والهدف القاعدي هو هدف كل الفئات المعارضة والإسلامية في العالم العربي وهذا من الصعب طبعا إقناع الرأي العام في هذا الموضوع وثانيا بأن هناك ربط مباشر بين ما يحصل في العراق والقاعدة، حتى الآن هناك رفض على الأقل من الأطراف الكثيرين الذين عارضوا الحرب ومن بين الذين أيدوا الحرب من الحزب الديمقراطي يقولون حاليا أنه لم يكن هناك علاقة مباشرة بين العراق والقاعدة وهناك علاقة حالية ولكن هذه العلاقة حتى الآن ربما هي جزء صغير من المقاومة العراقية فنحن نعرف أن المقاومة الخارجية في العراق ربما هي 10% من المقاومة الموجودة في العراق فيصعب على الرئيس إقناع الرأي العام الأميركي حسب رأيي أنا بأن هناك مقارنة مباشرة بين هذه القضايا.
جمانه نمور: دكتور محمد هل تحول العراق يعني على ضوء هذه التحليلات بالفعل إلى أفغانستان جديدة بمعنى هل الحرب في العراق فتحت هذه الجبهة أمام من يسميهم بوش بالراديكاليين الإسلاميين؟
محمد السيد سعيد: هذا جانب بالغ الأهمية لأنه جزء لا يتجزأ من النقاش عام في الولايات المتحدة الأميركية، يقول المعارضون للحرب أن الرئيس الأميركي بغزوه للعراق واستعادته للغة وتصرفات تنتمي إلى مرحلة الاستعمار التقليدي.. الأوروبي التقليدي إنما حول العراق إلى أفغانستان أو إلى أرضية لطالبان أشد شراسة وربما تكون مدرسة لتخريج جيل جديد من الإرهابيين الأكثر بدائية وهمجية مما شاهدناهم بين هؤلاء الذين عادوا من أفغانستان ولكن القضية التي تهمني هنا هي الآتي أن الرئيس الأميركي قدم خطاب مرتبكا أخفى فيه دوره الخاص في تربية هذا الإرهاب أو هذا الاتجاه البدائي الهمجي الذي يقوم بعمليات إبادة جماعية مثل اتجاه الزرقاوي في العراق وأخفى أيضا بالمماثلة دور الولايات المتحدة الأميركية في تغذية حركة طالبان وتمكينها من الصعود والاستيلاء على السلطة في أفغانستان وبالتالي دوره في أو دور الولايات المتحدة الأميركية في تعبئة الشباب العربي من المغرب إلى ربما إندونيسيا للحرب بعيدا عن بلادهم آلاف الأميال ضد السوفييت بينما كان المطلوب هو أن يجتهدوا في دفع التقدم في بلادهم وكأن الدور الأميركي قد أزيل تماما من هذا الخطاب المرتبك وبمعنى أوسع فأن إسقاط التجربة الغربية من خلال استخدام تعبيرات مثل الفاشية على المنطقة هي إصرار على ما نسميه في الفكر العربي بالاتجاه نحو التمركز الغربي حول الذات، الولايات المتحدة الأميركية لا ترى إلا ما يهمها في المعادلة ولا ترى إلا مصالحها في المعادلة وهي تفرض حتى لغتها وتجربتها السياسية على منطقة لها مصالح ولها قضايا وعلى رأسها قضية الصراع العربي الإسرائيلي وقضية العدالة والسلام في هذه المنطقة التي أدى الافتقار إليها وتواطؤ الولايات المتحدة الأميركية مع الشارونية السياسية وشتى التيارات الاستعمارية في إسرائيل إلى تغذية هذا الاتجاه المتطرف.
جمانه نمور: نعم على كلا موضوع الصرع العربي الإسرائيلي الرئيس بوش يعني دكتور محمد في خطابه رأى فيه ربما حجة يستخدمها هؤلاء، نعود لمناقشة هذا الخطاب وهل قصد فعلا الرئيس بوش من وراءه رفع شعبيته المتدنية أم أنه كانت له مآرب أخرى وهذا ما نستمع إلى وجهات نظر مختلفة فيه من ضيوفنا ونتابع وجهات النظر هذه بعد هذه الوقفة القصيرة فكونوا معنا.
جمانه نمور: أهلا بكم من جديد وحلقة اليوم من برنامج ما وراء الخبر تبحث الجديد في الخطاب الأخير للرئيس الأميركي جورج بوش مقارنة مع خطاباته السابقة وفي هذا السياق سيد دانيال بايبس يعني كان هناك ربما شيء جديد في خطاب الرئيس الأميركي حيث أنه قال.. عدى عن أن سوريا وإيران تدعم هؤلاء هو قال بأن هناك عناصر في وسائل إعلام عربية إخبارية تساعد هؤلاء، تروج الكراهية ومعاداة السامية ونظريات المؤامرة مثل ما سماه بحرب أميركية على الإسلام وما إلى هنالك، ماذا قصد تحديدا الرئيس بوش من هذه الجملة ولما أوردها؟
دانيال بايبس: أعتقد أنه حصلت زيادة كبيرة في الوعي الأميركي بما يحصل في وسائل الإعلام العربية وخاصة الجزيرة إذ أنه بفضل هذه وسائل الإعلام نجد أن وإضافة إلى وسائل الإعلام الفلسطينية نجد أن الرأي العام الأميركي الغير سعيد بما يراه فيما يتعلق بمحاربة الإرهاب والتشجيع على معاداة السامية وهو ما يسمى بحرب أميركا على العراق وأعتقد أن هذه إشارة بأن الحكومة الأميركية قلقة حول فحوى أو ما تنشره وسائل الإعلام العربية وأنني أعتقد أن الحكومات والمؤسسات ستحس وتشعر بضغوط إضافية وبمزيد من الضغوط من قِبَل الحكومة الأميركية لتتصرف بشكل مسؤول.
جمانة نمور: يعني عفوا باختصار سيد بايبس نظريات مؤامرة ما نقوم به الآن مثلا من نقاش في مختلف وجهات النظر، هذا ما يدخل ضمن هذه النظرية؟
دانيال بايبس: كلا هذه مناقشة حضارية بناءة ولكن بعض العناصر المنشورة في وسائل الإعلام ليست كذلك.
جمانة نمور: يعني هناك إشارة يعني دكتور شبلي من السيد دانيال بايبس الآن تحدث عن الجزيرة ثم أشار إلى وسائل الإعلام الفلسطينية تحديدا، هذا أيضا يذكرنا ربما بما ذكره الرئيس بوش في بداية خطابه حينما تحدث عن أن هذا الإرهاب أو هذا الإسلام الراديكالي ضرب أكثر من مكان في العالم، أشار مثلا.. عدى عن أميركا إلى كينيا المغرب السعودية العربية إندونيسيا تركيا إسبانيا روسيا مصر إسرائيل أي ناتانيا ثم العراق، يعني حينما وضع كل هذه الحركات الإسلامية بين هلالين في سلة واحدة هل هي إشارة أو رسالة إلى العرب بأنه بالنسبة لا أبدا ليس هناك فرق بين مقاومة وإرهاب؟
شبلي التلحمي: طبعا هذه هي المشكلة الكبيرة في هذا الخطاب.. إحدى المشاكل الكبيرة، المشكلة الكبيرة هو ربط هذه القضايا طبعا الإنسان يعارض الإرهاب مهما كان الهدف من ورائه وأي منظمة كانت من ورائه ولكن الأهداف ليست نفس الأهداف، نحن نعرف أن هناك إرهاب من منظمات أهدافها وطنية وهناك بعض المنظمات التي تستعمل العنف وأهدافها مثل أهداف القاعدة، هناك خلافات كبيرة في هذا الموضوع ولكن دعيني أجاوب بالنسبة لقضية الإعلام وأنا أدرس الإعلام العربي بشكل مكثف، أولا بالنسبة للإعلام الفلسطيني كما تعرفين ليس له قوة كبيرة في العالم العربي أي أن التلفزيون الفلسطيني أو الراديو الفلسطيني لا يسمعها الكثير في العالم العربي لأنه مقدرتها صغيرة، طبعا الفضائيات هي المحطات الهامة والجزيرة طبعا أحد أهم المحطات، هناك طبعا مسؤولية أمام كل الصحفيين وبعض البرامج التي يمكن تُعَالج بشكل آخر، لكن من خلال بحثي أنا شخصيا لم أرى أن هناك علاقة مباشرة بين المواقف وخاصة التي تخص الولايات المتحدة على مستوى الرأي العام وما يشاهدونه في.. على المحطات التلفزيونية ورأينا أن الكثير مثلا خارج الشرق الأوسط والعالم العربي الذين لا يرون الجزيرة لهم مواقف تماثل هذه المواقف، هناك أسباب أخرى في هذا الموضوع.. هذا الموضوع طويل ولا أعتقد أن الإعلام السبب الرئيسي في هذه المواقف.
جمانة نمور: ولكن ما يريده الرئيس بوش يعني دكتور شبلي باختصار برأيك لما لجأ إليه كسبب؟
شبلي التلحمي: استعمل هذه الأمثال لأنه أولا يخاطب الدول العربية الأخرى ويقول لها أن هذه الحركات تهددكم أنتم أيضا هذا أولا، ثانيا هناك محاولة لتصوير القاعدة بأنها أكبر مما هي والخطر لذلك خطر كبير على الكل على الجميع خطر رئيسي وربما تبدأ في العراق وتستمر في مناطق أخرى، أعتقد هذا هو الهدف الرئيسي لأن الهدف من وراء الخطاب هو تحديد المخاطر كمخاطر رئيسية مخاطر يجب أن تُعَالج بشكل مباشر من طرف الولايات المتحدة من طرف العالم الغربي ويطلب من الشعب الأميركي بأن يفهم أن هناك مخاطر كبيرة ويطلب منه أن يكون صابر لأنه عندما تعطي مَثَل مِثْل محاربة الشيوعية التي استمرت خمسين سنة يمكن أن يقال لا تتوقع النجاح غدا.
جمانة نمور: نعم يعني دكتور محمد إذا كان فعلا جزء من خطاب الرئيس بوش موجه للعرب هو تحديدا في خطابه أيضا قال نحن نشجع أصدقاءنا في الشرق الأوسط بما فيهم مصر والسعودية ليأخذوا طريق الإصلاح لكي يقووا مجتمعاتهم لمواجهة هذا الخطر في نفس السياق قال نحن مع المعارضين ربما لهذه.. لأنظمة سماها بالإنجليزية (Oppressive regimes) قال لأن المعارضين لهذا والذين يطالبون بالديمقراطية هم الذين سيكونون قادة الغد، يعني هل هذه الجملة مثلا تذكرنا بالتهم التي أوردها أو المسؤوليات إذا كنا أكثر دقة التي حملها لسوريا وإيران؟
محمد السيد سعيد: هي استمرار للغة الأوامر، هي استمرار أيضا للغة متمركزة حول الذات لا تفترق كثيرا في الحقيقة عن الطلبانية الإيديولوجية والسياسية والثقافية، الرئيس الأميركي مستغرق تماما في أجندته الخاصة وهو يملي الأوامر على الجميع، نحن هنا في المنطقة نعارض استمرار أشكال البطش والحرمان من حرية التعبير ونرنو إلى الديمقراطية ولكننا نتطلع أيضا إلى اليوم الذي يتم فيه تسوية الظلم القومي الواقع علينا، قلنا للأميركيين أنه بدون تسوية الظلم القومي.. تسوية الظلم القومي الواقع على العرب سواء في فلسطين أو العراق سوف تستمر موجة كراهية عالية تعطي ذريعة لقطاع معين من الشباب العربي الذي لا يملك الثقافة أو المعرفة بحيث يدفعه الحمق إلى التطرف بشدة وقد يقوده إلى ممارسات إجرامية بالفعل مثلما يحدث في العراق أو حدث قبل ذلك في مناطق أخرى من المنطقة العربية، هذا انقلاب أيضا مفاجئ كنا نقول للأميركيين أن لدينا إرهابا فيقولون أن هذا أمر غير مهم وكنا نعرف أن هناك خلافا فرنسيا أميركيا حول الموقف من تنظيمات مسلحة شديدة البدائية والقصوى والهمجية في الجزائر وفجأة ينقلب الموقف ويصبح الأميركيون هم مصدر الإنذار، نقول للأميركيين أننا نستطيع أن نتعامل مع إرهابنا الخاص ولكننا لم نتعامل معهم بفاعلية وفي الوقت الملائم بدون تصحيح وضعية بالغة السوء للشعب الفلسطيني وبدون الانسحاب الفوري للعراق وترك الشعب العراقي يقرر مصيره بنفسه.
جمانة نمور: دكتور محمد السيد سعيد من القاهرة شكرا لك، شكرا للدكتور شبلي التلحمي من واشنطن وشكرا للسيد دانيال بايبس من واشنطن أيضا، بهذا تكون انتهت حلقة اليوم من برنامج ما وراء الخبر بإمكانكم المساهمة في اختيار مواضيع الحلقات المقبلة ننتظر تعليقاتكم ومقترحاتكم على عنوان برنامجنا الإلكتروني indepth@aljazeera.net غدا إن شاء الله قراءة جديدة في ما وراء خبر جديد فإلى اللقاء.