صدمت جريمة قتل ما يقارب 127 من قبل عصابة جهادية يوم الجمعة أهل فرنسا وأدت الى جولة أخرى من التضامن والبحث عن الذات والغضب. في نهاية الامر يمكن اختزال العنف الإسلامي ضد الغربيين الى سؤالين: هل ستغير هذه الكارثة الجديدة الرأي العام؟ ما هو تأثيرها على المؤسسة العامة في عملية تحوير الحقيقة؟
ما يمكن اقتراحه من خلال هذه الأسئلة بان الشعب والمهنيون يتحركون في اتجاهين متعاكسين. الأول يتجه نحو اليمين والثاني نحو اليسار. في النهاية فان هذا التحرك يقلل من تأثير الاحداث على السياسة.
الرأي العام يتحرك ضد الإسلاميين بصورة خاصة والإسلام بصورة عامة حين يرتفع عدد القتلى. يتصدر عدد القتلى من احداث التاسع من أيلول قائمة الوفيات ولكن بلدان أخرى لها ما يعادلها مثل تفجيرات بالي لأستراليا، تفجير سكة الحديد لإسبانيا ومذبحة مدرسة بيسلان لروسيا وتفجيرات النقل لبريطانيا.
الارقام المجردة ليست الاعتبار الوحيد. عوامل أخرى تتفاعل مع بعضها لتزيد من تأثير الحدث وتصبح الحاصلة السياسية لمجزرة جماعية منها: (1) شهرة الحدث مثل ثيو فان كوخ في هولندا وشارلي أبدو في فرنسا، (2) الهوية المهنية للضحايا مثل رجال الشرطة والجنود. (3) ظروف رفيعة المستوى مثل تفجير مارثون بوستن.
يضاف الى ما يزيد على 27 ألف هجوم ذات علاقة بالإسلام او أكثر من 5 يوميا (كما احصاه موقع TheReligionofPeace.com) فان الهجرة الغير الشرعية الهائلة ضاعفت مشاعر الخوف والضعف. انه شارع باتجاه واحد بدون ان تسمع روحاً واحدة تقول:" كنت أخشى الاسلامية ولكن ليس بعد الان".
هذه القضايا ادن الى قلق المزيد من الغربيين من الإسلام بالإضافة الى قضايا أخرى مثل بناء المآذن وختان الاناث الفرعوني. عموماً فالمسيرة جارية نحو اليمين. ممسوحات المواقف الأوروبية تشير الى ان 60-70% من الناخبين يعربون عن مخاوفهم. حظوظ الافراد الشعبيين مثل كيرت فليدرز في هولندا وأحزاب مثل الديمقراطيون السويديون ترتفع في استطلاعات الرأي.
ولكن العنف الذي لا يعرف الهوادة له تأثير مخالف على المؤسسة مثل السياسيون، الشرطة، الاعلام، والأستاذة. المسؤولون عن تفسير هذه الهجمات يعيشون في فقاعة من الانكار العلني (وما يصرحون به في الحياة الخاصة امر اخر) حيث يشعرون بأنهم مجبرون على التظاهر بان هذه الهجمات لا علاقة لها بالإسلام خوفاً بان مثل هذا التصريح قد يؤدي الى مشاكل أخرى.
المحترفون الأربعة أعلاه اختلقوا اعتقاد غامض اقرع بان هناك فيروس للعنف لا يصيب غير المسلمين ويدفعهم للانخراط في اعمال العنف الهمجي العشوائي. من أكثر هذه التصريحات المفضلة لي هو لهوارد دين الحاكم السابق لولاية فيرمونت في الحديث عن جهادين شارلي أبدو:" هؤلاء مسلمين كما انا تماما".
هذا التحدي للحدس السليم نجا ولايزال حيا مع جميع الفظائع وأتوقع له ان يدوم بعد مذبحة باريس. ربما مجزرة عدد ضحاياها هائلة من مئات الالاف قد تجبر المحترفين على التراجع من هذا النمط المتأصل بعمق لإنكار البعد الإسلامي خلف هذه الهجمات.
هذا النمط في التفاعل غايته التخلص من مخاوف الناخبين العاديين والذين تأثير آرائهم ضعيف على السياسة. القلق من الشريعة وعصابات الاغتصاب والامراض الغريبة وحمامات الدم يتم رفضها بحجة العنصرية والإسلام فوبيا وكان استعمال هذه العناوين يعالج المشكلة.
الاكثر اثارة للدهشة هو تحرك المحترفين الى اليسار مع تحرك الرأي العام الى اليمين والتشجيع على تأليف خطب الكراهية وبالتالي تشجيع الهجرة من الشرق الأوسط و توفير المزيد من الرعاية للإسلاميين. هذا النمط في التفاعل لا يصيب شخصيات الدولة من اليسار فقط وانما اليمين كذلك (مثل انجيلا ميركل)، قادة اوربا الشرقية فقط هم الذين يرخصون لأنفسهم الحديث بصراحة عن المشاكل الحقيقة مثل القائد الهنغاري فيكتور اوربان.
سيتم الاستماع الى أراء الناخبين في نهاية المطاف ولكن بعد عدة عقود وأكثر ضعفا مما يجب ديمقراطياً.
وضع مجازر باريس في هذا السياق: من المحتمل ان تتحرك مشاعر الجماهير بشكل كبير في اتجاه واحد نحو اليمين وسياسات المؤسسة الحكومية في طريق معاكس وبالتالي سيكون تأثيرها محدود في نهاية المطاف.