يواصل ألمسرح ألتركي ألإسلامي أليساري تكرار فعالياته ألمستهدفة سحب شرعية ألوجود ألإسرائيلي، وكان آخر عروضه أسطول تحرير غزة في نهاية شهر مارس. كانت نتائج ألحدث مؤسفة بعدم قدرة ألكادر ألإسرائيلي استيعاب وسائل ألحرب ألجديدة عالمياً، و على ضوء ذلك لا بأس من ألتدقيق في دراسة ألسياسة ألتركية ألإسلامية ألمعاصرة وانعكاس ذلك على توقعات مستقبلية.
انهارت ألدولة ألعثمانية بعد جهود دامت 150 عاماً لتحديثها بدون جدوى، لتقوم بعدها ألجمهورية ألتركية بزعامة ألجنرال ألعثماني كمال أتاتورك ألذي تشدد بتأسيس منظومة غربية ، وبالغ في ذلك إلى درجة إصراره على استبدال ألسجاد في ألجوامع بمقاعد خشبية كما هو ألحال في ألكنائس. على الرغم إن سكان تركيا برمتهم إلى حد ما من ألمسلمين فان أتاتورك كان مصراً على علمانية دولته حتى وفاته في عام 1938. لم ينجح أتاتورك تماماً في كسب تأييد شعبه بجمعه، ومع الوقت كان لا مفر من مؤسسته التعايش مع العواطف الدينية لجمهورها، وتولي العسكر ألتركي مهام إبقاء ذكراه و علمانية نظامه على قيد الحياة إلى منتصف ألتسعينيات.
كان دخول ألإسلاميين إلى أروقة ألسلطة من خلال نمستن أربكان في ألسبعينيات ألذي تولى منصب نائب رئيس ألوزراء 3 مرات، حتى تولى بنفسه رئاستها لعام واحد في 1996 - 1997 ، وساعده في ذلك تدهور ألأحزاب ألسياسية ألرئيسية وفسادها ألإداري، ولكن ألعسكر ألتركي تولى تنحيته من خلال انقلاب عسكري. سارع تلاميذ أربكان بزعامة رجب طيب أردوغان بتشكيل حزب ألعادلة و ألتطور أو أل AKP ( عدالات كالاني بارتيزي ) ألذي وصل ألي ألسلطة في 2001 بعد فوزه ب 34% من ألأصوات التي تحولت إلى 66% من ألمقاعد ألبرلمانية. أثبت أردوغان كفائتة في أدارة ألدولة و ازدادت شعبية ألحزب ألحاكم ألذي نجح بالفوز بانتخابات 2007 بأغلبية أكثر. بعدها سارع ألنظام بتهميش ألقيادة ألعسكرية، استعمال نظرية ألتآمر للقضاء على خصومه، تغريم أحزاب ألمعارضة بما يقارب 2.5 بليون دولار قضائياً، تصوير زعيم ألمعارضة في وضع عمل جنسي لا يحسد عليه، و ألمضي قدماً في تعديل ألدستور.
أما على صعيد ألسياسة ألخارجية بقيادة أحمد دافتوكلو، فكانت ألغاية استعادة موقع ألقيادة في الشرق ألأوسط. تشدد موقف تركيا من معضلة قبرص، دخلت في مطب ألملف ألنووي ألإيراني و الصراع ألعربي ألإسرائيلي، و دعمت ألسلطة منظمة خيرية لها ارتباطات بالقاعدة.
أن ألسياسة ألتركية أليوم لها أبعاد ذات حدين للشرق ألأوسط و ألعالم ألاسلامي، و لقد نوهت و صنفت سابقاً ألتطرف ألإسلامي بالصنف رقم 1 ألذي يتصف بعلانية ألعنف بقيادة آية ألله الخميني و أسامة بن لادن، أما ألصنف ألسلامي ألمتطرف رقم 2 متمثلا بالزعامة ألتركية فهو أكثر خطراً و فعاليةً. أن ألتطرف ألإسلامي يتخلى عن اعتداله تدريجيا بمجرد وصوله ألي ألسلطة كاشفاً عن جذوره ألمتطرفة، وكما يوضح مارتن كريمر قائلاً: " كلما ابتعد ألأسلاميون عن ألسلطة أزداد ضبط ألنفس و ألعكس صحيح ". ورغم كل ذلك لا بد من ألإشارة بأن إل AKP تحتوي على عناصر أخرى قد تضع حداً للممارسات ألحكومية، فهناك حركة فتح ألله كولن ألشعبية، حركة عدنان أوكتار ألدعائية و غيرها. أستنكر كولن علنيا مسرحية أسطول تحرير غزة مشيراً إن مثل هذه ألأمور لا تؤدي إلا إلى صراعات تركية داخلية. كذلك فان التصنيف ألعالمي لأردوغان كونه ديمقراطي اسلامي غربي معتدل قد تم استبداله بجلوسه على مكوك طهران – دمشق – أنقرة. ربما قد نجحت تركيا في تبوأ مقعدها ألقيادي في ألمنطقة كما يهوى دافتوكلو، و لكن يا ترى هل سيستمر دعم حلف شمال ألأطلسي لها، وهل حان ألوقت لدعم ألمعارضة ألتركية ألسياسية ؟.