يقول دانيال بايبس ان هناك اخباراً سارة: ان فكرة ان الاسلام المتطرف والعنفي هو المشكلة، وان الاسلام المعتدل هو الحل تلقى رواجاً واسعاً مع الوقت. لكن هناك ايضاً اخباراً سيئة، اي الارباك والخلط حول من هو المسلم المعتدل. هذا يعني ان الجانب الايديولوجي للحرب على الارهاب يحقق بعض التقدم، ولكنه تقدم محدود فقط.
الاخبار السارة: لقد رفع المسلمون المعادون للاسلامويين صوتهم منذ احداث 11 ايلول، وهم يضمون في صفوفهم اكاديميين مثل عازار نفيسي (من جامعة جون هوبكنز)، واحمد الرحيم (سابقاً من جامعة هارفرد) وكمال سلاي (من جامعة انديانا) وبسام الطيبي (من جامعة غوتينغن). كذلك فان اشخاصاً بارزين مثل احمد صبحي منصور ومحمد هشام قباني يرفعون اصواتهم.
كذلك فان هناك منظمات تظهر الى حيز الوجود. مثال على ذلك الندوة الاسلامية الاميركية من اجل الديمقراطية التي تنشط في فينكس، اريزونا. كما ان "التحالف المسلم في الحرب ضد الارهاب" يبدو معادياً للاسلامويين رغم الشكوك التي ابديتها تجاهه في البداية، والذي اسسه كمال نعواش.
اما على المستوى الدولي، فقد نشرت عريضة منذ شهر من قبل ليبراليين عرب دعوا الى اتفاقية تشجب التحريض الديني على العنف، وذكرت العريضة بالاسماء "شيوخ الموت" (مثل يوسف القرضاوي الذي يظهر من على شاشة تلفزيون الجزيرة)، وطالبوا بتقديمهم الى محكمة دولية. وقد وقع 2500 مثقف مسلم من 23 دولة على هذه العريضة.
لقد بدأ المسلمون مع الوقت يرفعون اصواتهم لشجب صلة الاسلامويين بالارهاب. ولعل المقال الابرز هو الذي كتبه الصحافي السعودي عبد الرحمن الراشد في لندن وقال فيه: "من المؤكد ان ليس كل المسلمين ارهابيين"، مضيفاً ان "الحقيقة، هي ان معظم الارهابيين مسلمون". مضيفا "نحن لا نستطيع ان نبيّض صفحتنا (كمسلمين) الا اذا اقررنا ان الارهاب قد اصبح مشروعاً اسلاموياً وحكراً على الرجال والنساء المسلمين".
كذلك اتبع محللون آخرون مثال الراشد.
ويقول اسامة الغزالي حرب من مصر ان "المثقفين المسلمين والمفكرين في العالم الاسلامي يجب ان يواجهوا ويعارضوا اي محاولة لتبرير الاعمال الوحشية التي تقوم بها الجماعات الارهابية والتي تعزو اسبابها الى المظالم التي يعاني منها المسلمون. ويقول انور بوخارس من فرجينيا ان "الارهاب مشكلة اسلامية وان رفض الاعتراف بذلك مقلق جداً".
الاخبار السيئة: هناك الكثير من "المعتدلين المزيفين" الذين يصعب الكشف عن تطرفهم، حتى وان كان المراقب هو مثلي ويكرس الكثير من الوقت والانتباه الى هذه القضية. ان "مجلس العلاقات الاميركية الاسلامية" ما زال يحصل على دعم المجتمع الاميركي، اضافة الى "المجتمع الاسلامي في شمال اميركا" والذي يؤثر في بعض الاحيان على الحكومة الاميركية. اما "الاتحاد التقدمي المسلم" الذي شُكل حديثاً فهو يحظى بالكثير من الانتباه من قبل الصحافيين الحذقين الذين يقومون بتلميع صورته وتسويقه رغم وجود الكثير من المتطرفين في صفوف قيادته (مثل سلام المراياتي وسارة الطنطاوي وحسين ايبش وعلي ابو نعمة).
لحسن الحظ ان السلطات منعت طارق رمضان ويوسف اسلام من الدخول الى الولايات المتحدة، بيد انها تركت خالد ابو الفضل يقيم في اميركا ومنحته منصباً مهماً.
حتى المسلمين الذي يحشدون الدعم ضد الارهاب قد لا يكونوا صادقين. ففي 21 تشرين الثاني تظاهر بضعة الاف من المتظاهرين تحت شعار "معاً من اجل السلام ولمناهضة الارهاب" في مدينة كولونيا في المانيا. وصرخ المتظاهرون "لا للارهاب" وادلى سياسيون بتصريحات تبدو جيدة. لكن تظاهرة كولونيا التي جرت بعد مقتل ثيو فان غوغ في هولندا في الثاني من تشرين الثاني جاءت كاجراء دفاعي ذكي. وقد استعملتها الجمعية الاسلامية التي تضم مهاجرين اتراك كوسيلة لتخفيف الضغوط على المجتمع الاسلامي من اجل التغيير. لكن الخطب التي القيت حينها لم تتضمن اي نقد ذاتي او مراجعة للذات، بل دفاعاً عن منظومة الجهاد في الاسلام وشعارات فارغة مثل "الاسلام يعني السلام".
هذا السجل المعقد والمربك يشير الى استنتاجات عدة:
-
اولاً، الاسلامويون يعون الحاجة الى المسلمين المعتدلين وهم يتعملون كيف يتظاهرون بالاعتدال، ولا شك ان تمويهم هذا سيتحسن مع الوقت.
-
ثانياً: تحديد من المعتدل ومن المتطرف تبقى اولوية مهمة. قد يكون من الواضح ان نفهم ان اسامة بن لادن اسلاموي وان ارشاد مانجي معادية للاسلام السياسي، لكن الكثر من المسلمين يتراوحون ويتذبذبون بين هذين النقيضين. وقد احتدم جدال لسنوات في تركيا حول رئيس الوزراء الحالي رجب طيب اردغان: ان كان اسلاموياً ام لا.
-
ثالثاً: ان مهمة تحديد من المعتدل لا يمكن ان تتم عن طريق التخمين او الالهام. ولعل واشنطن لديها سجل حافل في اضفاء الشرعية على اسلامويين وربما دعمهم. انا قمت بأخطاء عدة ايضاً. ما نحتاجه البحث الجدي والمستمر.